حصاد البحرين 2023: استيلاء المتنفذين على أوقاف "الجعفرية" بلغ الزّبى وإغلاق مقام صعصعة بالطوب المسلّح بعد تخريبه

إغلاق مقام الصحابي صعصعة بن صوحان بالطوب
إغلاق مقام الصحابي صعصعة بن صوحان بالطوب

2024-01-02 - 8:36 م

مرآة البحرين (أوراق 2023): مطلع شهر فبراير 2023 صادرت السلطات البحرينية وقفاً خاصاً بمسجد "الشيخ صالح" التاريخي في توبلي بعد هدمه من دون مبرر قانوني وبذريعة أنَّه "ملك خاص". وفُوجئ أهالي المنطقة بجرافات تقوم بهدم الوقف التاريخي للمسجد الشيعي وسياجه والذي يُناهز عمره 500 سنة، ويقع في منطقة توبلي القديمة التي تدعى أيضاً "كتاكان". وسأل الأهالي مُمثّلي بلدية العاصمة عن سبب مُصادرة وهدم الوقف فأجابوهم بالقول إنَّ "الوقف ما عاد وقفاً الآن إنَّما أصبح ملكاً خاصاً".

وفي خطبته ليوم الجمعة (17 فبراير 2023) انتقد إمام صلاة يوم الجمعة المركزية في جامع الإمام الصادق (ع) في الدراز الشيخ محمد صنقور صمت دائرة الأوقاف الجعفرية عن حماية الموقوفات التابعة لشيعة البحرين قائلاً "الذي يزيد الوضع سوءا ويبعث على القلق والخشية على مصير هذه الموقوفات ما نجدُه بين الفَيْنَة والأخرى من تحوُّل العديد من هذه الموقوفات إلى أملاك خاصَّة، برغم أنَّها مُسجَّلة في دائرة الأوقاف الجعفريَّة"، لافتاً إلى أنَّه "كثيراً ما تكون مُستأجَرة بعقود رسميَّة من دائرة الأوقاف، مُضافاً إلى تَعارُف كونها من موقوفات هذا المسجد أو ذاك المأتم أو هذه الجهة أو تلك، منذ عشرات السنين وبعضها منذ مئات السنين".

وفي 21 فبراير أظهرت وثائق مزيدا من الأوقاف الشيعية التي يتم الاستيلاء عليها من قبل الحكومة أو أفراد من العائلة الحاكمة. وأظهرت وثائق الاستيلاء على أرض كبيرة للأوقاف الجعفرية  في منطقة كرزكان تبلغ مساحتها 4689 مترًا مربّعا. 

وكانت الحكومة قد وقعت عقد إيجار مع الأوقاف الجعفرية العام 1986 لاستئجار الأرض مقابل مبلغ لا يتجاوز ألفي دينار سنويا وذلك لبناء مستشفى يخدم المنطقة، على أن تعود ملكية المبنى للأوقاف بعد انتهاء مدة العقد. لكن العقد انتهى وعادت ملكية الأرض لوزارة الصحة بموجب قرار من الديوان الملكي من دون علم الأوقاف الجعفرية ومن دون أي مردود مالي. 

وحصلت "مرآة البحرين" على وثيقتين رسميّتين تظهران ملكية إدارة الأوقاف للأرض المقام عليها المركز، وهما عبارة عن اتفاقية عقد إيجار بين الطرف الأول المؤجر، رئيس دائرة الأوقاف الجعفرية صادق الحاج محمد البحارنة، والطرف الثاني وزير الصحة جواد سالم العريض، ووثيقة استئجار وزارة الصحة من إدارة الأوقاف القسم الشمالي والجنوبي من أحد أراضي منطقة كرزكان لإقامة مركز صحي مقابل مبلغ إيجار سنوي.

لكن السلطات قامت بتسجيل الأرض المقام عليها المركز الصحي كاملة باسم وزارة الصحة رغم عدم وجود أي مستند قانوني لهذا الاستيلاء.

وفي تصريح لها 27 فبراير 2023 دعت نائب رئيس "لجنة المرافق العامة والبيئة" في مجلس النواب، حنان فردان، إلى "الاحتكام إلى الوثيقة التاريخية لرئيس الأوقاف الجعفرية القاضي الشرعي السيد عدنان الموسوي التي أصدرها قبل نحو قرن من الزمان (1927)، المعروفة بـ "سجل السيد عدنان"، بشأن وقفيات المساجد والمآتم التي يتم الاستيلاء عليها. وأكدت في تصريح صحافي "وجود قلق يتصاعد بين الأهالي وخصوصاً المسؤولين عن المساجد والمآتم مما يُثار من أخبار استيلاء جهات متنفِّذة على وقفيات تخص المساجد والمآتم التابعة لإدارة الأوقاف الجعفرية".

وتحت ضغط الرأي العام وفي مسعى لتهدئة المخاوف اضطر رئيس مجلس الأوقاف الجعفرية يوسف بن صالح الصالح إلى التصريح بأن "الإدارة انتهت من إجراءات توثيق 100 وقفيّة واستلام وثيقة ملكيَّتها خلال الأشهر الماضية".

وقال الصالح إنَّ "العمل جارٍ على إصدار المزيد من الوثائق بالتعاون مع الجهات الرسمية المختصة كافّة التي تُقدِّم كل الدعم والمساندة وبالتنسيق مع الأهالي والمتولّين".

وبرغم استلام الوثائق خلال فترة ماضية وصفها بـ"الأشهر" إلّا أنّ الإعلان عنه لم يتم إلّا خلال الفترة التي أثيرت فيها قضية سرقات الأوقاف الجعفرية من قبل مُتنفِّذين. ولم يكشف الصالح عن أي تفاصيل تتعلَّق بهذه الوقفيّات، ما أثار الشك حول مدى صدقية هذا الإعلان وما إذا كان مجرد ذرّ رماد من أجل احتواء موجة غضب الرأي العام القائم.

في سياق متصل، فقد تعرّض مقام الصحابي الجليل صعصعة بن صوحان العبدي في منطقة عسكر الذي يحظى منذ سنين باهتمام كبير لدى المسلمين في البحرين وخصوصاً الشيعة منهم ويناهز عمره 1300 عام، تعرّض خلال شهر مارس 2023 إلى التخريب من قبل مجهولين وأظهرت صور داخلية له تعرضه إلى التكسير وبعثرة محتوياته. وقد رصد مواطنون عبارات مسيئة مكتوبة على جدار المسجد كالتي تقال للمعتقلين من قبل المعذّبين.

 وفي 19 مايو 2023 طالبت جمعية "الوفاق" الوطني الإسلامية السلطات بإعادة فتح المزار الذي تغلقه منذ أكثر من عشر سنوات. ونشرت مقطعاً مصوراً يظهر حجم الدمار الذي لحق بالموقع بعد عمليات التخريب التي طالته.  

لكن رداً على الحملة الشعبية التي نادت بفتحه وإعادة تأهيله، قامت السلطات في يونيو 2023 بإغلاق مدخل المزار بالطوب المسلح ومنع دخوله.

وتزامن هذا الاعتداء مع حملة دشَّنها مواطنون تحت وسم #افتحوا_مقام_صعصعة تُطالِب النظام بإعادة فتح المزار وتأهيله وإيقاف اضطهاد الشيعة والمسِّ بمساجدهم وحسينياتهم وصلواتهم، وإيقاف الاستهداف الممنهج لهم.

ومنذ عام 2011 تعرَّض مقام صعصعة بن صوحان لـ 5 اعتداءات على الأقل، اعتداء في مارس 2012 وآخر في يناير2014، واعتدائَيْن في أبريل 2014 طال أحدهما الضريح نفسه، واعتداء في يوليو 2016.