الحكومة تنهش خبز المواطن: رفع أسعار الطحين سيرفع أسعار 30 سلعة ويخلق سوقا سوداء

بعض منتجات شركة مطاحن الدقيق في البحرين
بعض منتجات شركة مطاحن الدقيق في البحرين

2024-06-20 - 9:48 م

مرآة البحرين (خاص): بينما ينشغل الناس ويتجادلون حول لجنة التحقيق التي قررها وزير الداخلية لمراجعة حالات محدودة من التجنيس، مررت شركة مطاحن الدقيق قرارا خطيرا يقضي برفع أسعار أغلب منتجاتها من الطحين بنسب تتراوح بين 35% إلى 100%، وذلك وفق لائحة المنتجات المتوافرة في موقعها الإلكتروني.
وشكليًا أبقت الشركة على السعر مدعومًا للمخابز الشعبية المعتمدة.
ورفعت الشركة التي أُنشِأَت في العام 1970، سعر كيس الطحين رقم (0) من 3.7 دينار إلى 5.2 دينار، وكيس الطحين رقم (2) من 3.1 إلى 4.950 دينار، علمًا بأن الكيس يزن 50 كيلوغرامًا.
كما رفعت الشركة سعر طحين البيتزا، وأنواع الطحين المستخدمة في صناعة الحلويات، بالإضافة إلى طحين النخالة بنوعيه، سواء المخصص للاستخدام الآدمي أو الحيواني.
قرارات سترفع بلا ريب أسعار الخبز اليومي والمنتجات المخبوزة وكذلك بعض أنواع البقوليات التي تحتاجها الأسر البحرينية، ولهذا فإن المتوقع أن منسوب الغضب الشعبي من هذه القرار سوف يرتفع في الأيام المقبلة.
رأى مواطنون ومتابعون في تصريحات للصحافة المحلية أن رفع أسعار الطحين سيؤدي إلى رفع أسعار الكثير من السلع الغذائية، ومن أبرزها المعجنات والفطائر الحلويات والمواشي وغيرها.
وقد أعلن مربّو الماشية عن تضررهم بسبب رفع أسعار أعلاف الحيوانات بنسبة 100٪.
سعر بيع القمح عالميا يتراوح بين 250 و270 دولارا للطن الواحد أي ما يعادل 94 دينارا بحرينيا تقريبا، فيما ستقوم شركة مطاحن الدقيق ببيع القمح وفق قراراتها الجديدة بأكثر من 125 دينارا للطن الواحد.
وجاءت تبريرات رئيس مجلس إدارة شركة البحرين لمطاحن الدقيق باسم الساعي لهذا الارتفاع الكبير في أسعار الطحين ومشتقاته، غريبة نوعا ما، يقول الساعي إن رفع الأسعار جاء بسبب مشروع التوسعة الأخير، والذي انتهى في نهاية شهر مارس، وقال إن ارتفاع كلفة الاستهلاك بعد التوسعة الأخيرة تؤثر بشكل مباشر على مصاريف الشركة، و"لأننا بحاجة لضمان عدم وقوع الشركة في وضع مالي حرج". بحسب قوله.
هذا تبرير غريب، فالساعي عمليا قد حمّل المواطنين دفع كلفة التوسعة الجديدة، وهذا الدفع سوف يستمر للأبد!
منطق غريب ويمكن وصفه بالانتهازي. ولكن على العموم فإن الحكومة تسير في طريق واحد معروف للمواطنين، وهو التقليل من الدعومات التي يتحصل عليها المواطنون في المأكل والخدمات، والمطلوب منهم أن يطيعوها في المنشط والمكره..
يقول الساعي أيضا إنّ الدعم الخاص بالطحين للمخابز التقليدية والمنتجات المدعومة لن تتغير لأنها مدعومة من الحكومة وخاضعة للرقابة، والمنتجات غير الخاضعة للرقابة والتي مازالت مدعومة هي التي سترتفع أسعارها.
لكن الحقيقة في مكان آخر تماما، فها هو النائب محمد المعرفي الذي رأس سابقا لجنة التحقيق البرلمانية في الأمن الغذائي، يؤكد للصحافة المحلية، أن القرار سيؤثر على أسعار حوالي 30 منتجا غذائيا من بينها اللحوم والدواجن المحلية والألبان والأجبان المحلية.
هناك واقع آخر سينشأ، وهو قيام سوق سوداء للطحين ومشتقاته في البحرين، المحلل الاقتصادي محمد عبدالوهاب ناس، يقول " مع تطبيق نظام التسعيرتين، يتعين على الحكومة زيادة الرقابة، حيث من المتوقع أن نرى سوقا سودا لبيع الطحين المدعوم للمطاعم".
كثير من المواطنين عبروا في وسائل التواصل الاجتماعي عن رفضهم لقرار رفع أسعار منتجات الدقيق بمملكة البحرين، مؤكدين أن المساس بسعر الخبز يتناقض مع برنامج عمل الحكومة الذي زعمت فيه أن أولويتها تحسين المستوى المعيشي للمواطن البحريني.
كان على الحكومة قبل التفكير في زيادة الأسعار، التفكير في حماية ذوي الدخل المحدود، وزيادة مساعداتهم، بل وزيادة الرواتب، مع ازدياد حالات انحدار المستوى الاقتصادي للأسر البحرينية نحو الفقر، والتراجع الحاد في القوة الشرائية.
المثير أن الحكومة لا تدفع إلا القليل في موضوع دعم الطحين، ففي أشد فترات ارتفاع أسعار الطحين عالميا كان على الحكومة أن تدفع لشركة مطاحن الدقيق 7 ملايين فقط خلال تسعة أشهر، وهو مبلغ زهيد جدا بالقياس لقدرات دولة مثل البحرين.
أحد رجال الأعمال في قطاع المطاعم، يؤكد أن "زيادة أسعار الطحين ستزيد من أسعار المأكولات في المطاعم"، متوقعًا أن يؤثّر "تضخم الأسعار في قطاع المطاعم، على الزبائن (المواطنين والمقيمين) في النهاية لأنهم الذين يدفعون".
المضحك أن قرارات شركة المطاحن البحرينية جاءت بعد تعيين اثنين من الخبراء المصريين في مجلس الإدارة وذلك بعد قرارات الحكومة المصرية بزيادة كافة منتجات الطحين في مصر، ورفع أسعار الخبز هناك، وهو الأمر الذي تكرر بالبحرين بعد تعيين الخبيرين بعدة أشهر فقط، كأن المهمة كانت محددة سلفا.
شركة مطاحن الدقيق التي تحصل على كافة الدعم والتسهيلات الحكومية وتحتكر السوق لا يفترض بها التحدث من منطلق ربحي بحت، فهي قد حققت بالفعل أرباحا في السنة المنصرمة بواقع مليونين ونصف المليون دينار، فهي ليست شركة خاسرة، والتصحيح لقلة أرباحها لا يجب أن يأتي على كاهل المواطنين، فها هي شركة المطاحن الكويتية تسجل أرباحا خيالية بأكثر من 76 مليون دينار كويتي، رغم أنها تقدم أجود أنواع الخبز والمخبوزات بأنواعها مدعومة للكويتيين بأسعار زهيدة.
متى تتعلم حكومة البحرين شيئا غير المس بلقمة المواطنين وأرزاقهم؟