علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ

المعتقل السابق علي الحاجي
المعتقل السابق علي الحاجي

علي الحاجي وإنسية رجا - موقع أوكسفورد ميدل إيست ريفيو - 2024-07-07 - 6:24 م

ترجمة مرآة البحرين

أمضى علي الحاجي عشرة أعوام وستة عشر يومًا في السجن في البحرين، معظمها في مركز الإصلاح والتأهيل المركزي السيئ السمعة في جو. أُلقِيَ القبض عليه في 20 مايو/أيار 2013، وتعرّض للتّعذيب الوحشي، وحُكِم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات في 28 مايو/أيار 2014، ثمّ أُفرِجَ عنه في 2 يونيو/حزيران 2023. وخلال فترة احتجازه، كشف عن التّعذيب وسوء المعاملة في سجن جو كما دافع بلا هوادة عن حقوق السجناء.

ساعدت إنسية رجا، وهي زميلة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، في كتابة هذا المقال.

دخلت سجن جو في 2 يونيو/حزيران 2014 - قبل واحد وثلاثين يومًا من إعلان البحرين عن القانون رقم (18) لسنة 2014 بإصدار مؤسسة الإصلاح والتأهيل (قانون الإصلاح)، ويُفتَرَض أنّه مشروع قانون تاريخي لإصلاح السجون، ومن شأنه إصلاح نظام السجون السيء برمته في البحرين. والهدف المعلن للقانون كان سنّ شكل من أشكال الاحتجاز يهدف إلى إعداد السجناء لإعادة الاندماج في المجتمع وتفادي عودتهم إلى الإجرام.

وبما أنّ الذكرى السنوية العاشرة للقانون تصادف هذا الأسبوع، فإنّني أفكر في فشل السلطات المستمر في تنفيذ أحكامه.

القانون: المبدأ مقابل الممارسة

على الرغم من أنّ القانون يكرس عددًا من الحقوق المتوافقة مع المعايير الدولية، إلا أنّها تُنتَهَك من حيث المبدأ. حتى أبسط أحكام القانون، وهي وجوب أن تزود إدارة السجن النزلاء الجدد بالمعلومات حول حقوقهم، سواء شفهيًا أو كتابيًا (المادة 16)، جرى تجاهلها. ولم يجرِ إعلامي أنا، أو أي شخص كنت مسجونًا معه، بحقوقنا.

العقاب العقابي والجماعي: 2015 و2017

لا يجوز فرض العقوبات التأديبية قبل استجواب المسجون وسماع دفاعه (المادة 54). وفي حين يحدّد القانون الشّروط التي يمكن بموجبها فرض العقوبات التّأديبية ومدّتها، فقد وجدت إدارة السجن ثغرات في القانون لتشديد العقوبات أو تجاهلت القانون تمامًا.

تحظر المادة 56 (فقرة 12) استخدام السجن الانفرادي لمدة تزيد على سبعة أيام. ومع ذلك، تتلاعب إدارة السجن بهذا القانون من خلال نقل السجين إلى عيادة السجن بعد سبعة أيام ثم إعادته إلى الحبس الانفرادي، وبالتالي، فإنها لا تنتهك القانون من الناحية الفنية.

في 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، جرى وضعي في الحبس الانفرادي لمدة أربعة أيام مع المدافع عن حقوق الإنسان ناجي فتيل، بعد أن كشفنا عن انتهاكات حقوق الإنسان في تسجيل صوتي. وقد صُدِمنا عندما اكتشفنا أن أحد السجناء السياسيين، وهو مصاب بمرض عقلي في زنزانة مجاورة، كان محتجزا في زنزانة انفرادية مع سجين آخر يعاني من مرض عقلي. واضطروا إلى تقاسم سرير واحد في زنزانة تبلغ مساحتها مترين في متر واحد، في انتهاك صارخ لحماية السجناء المصابين بأمراض عقلية (المادة 77). وبعد أن اشتكى وضعه للجهات الرقابية وأعلم أسرته، علمنا أنه جرى أخيرًا نقله بعد شهرين إلى مستشفى للأمراض العقلية -فقط بعد  أن أمضى عامًا في الحبس الانفرادي.

استخدمت سلطات السجن العقاب العقابي والجماعي عدة مرات أثناء احتجازي في سجن جو، ما حرمنا حتى من أبسط حقوقنا وحرياتنا الأساسية.

الزيارات العائلية والمكالمات الهاتفية حقوق أساسية مُبَيّنة بوضوح في القانون (المادتان 36 و45). وقد حُدّد أيضًا أنّه لا يحق للإدارة تأجيل الزيارات لأكثر من "زيارتين متجددتين لأي سبب من الأسباب" (المادة 40) والمكالمات الهاتفية لأكثر من أسبوعين (المادة 56) لمنع الحرمان المطول من التواصل والزيارة.

ومع ذلك، كثيرًا ما قطعت الإدارة الاتصال بالعالم الخارجي عن السجناء السياسيين كآلية للعقاب الجماعي. في العام 2015، بعد احتجاج عدد قليل من السجناء وإثارة أعمال شغب، جرت معاقبة جميع نزلاء السجن باستخدام السلطات عشوائيًا للغاز المسيل للدموع وضربنا. ثم جرى تعليق الزيارات العائلية لمدة ثلاثة أشهر، وانقطعت الاتصالات الهاتفية لمدة شهر. في 10 مارس/آذار 2015، بعد أعمال الشغب، نادوني بالاسم مع 79 آخرين، وجرى نقلنا إلى المبنى رقم 10، حيث بقيت في عزلة أمنية لمدة عامين. وفي كل مرة اضطُرِرْنا فيها إلى مغادرة المبنى لإجراء مكالمة هاتفية أو زيارة العيادة، قُيِّدنا بالأغلال - كانت أيدينا وأقدامنا مُكبّلة ومقيدة بسلسلة حديدية.

أدّى حدثان رئيسان إلى تفاقم الوضع الأمني ​​داخل السجن في يناير/كانون الثاني 2017: حدثت عملية هروب من السجن وجرى إعدام ثلاثة من ضحايا التعذيب، بعد سبعة أعوام من الوقف غير الرسمي لاستخدام عقوبة الإعدام. بعد ذلك، جرى تقييد مكالماتنا الهاتفية لمدة شهر تقريبًا، وحتى بعدها، لم يُسمح لنا إلا بإجراء مكالمات قصيرة في الصباح الباكر.

في مارس/آذار 2017، ركّبت السلطات حواجز زجاجية بشكل عقابي أثناء الزيارات وقامت بتقييدنا في كل وقت احتجنا فيه إلى مغادرة الزنزانة، بما في ذلك المواعيد الطبية، كما ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش. ورفض الكثير منا قبول الزيارات احتجاجًا على ذلك الإجراء المهين. لقد أضربت عن الطعام في فبراير/شباط 2019 احتجاجًا على الحرمان من الزيارات العائلية من دون حواجز والرعاية الطبية. في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بعد مرور 1000 يوم على رؤيتي لعائلتي ومرور 66 يومًا على الإضراب عن الطعام، كتبت رسالة من سجن جو، وبعد ذلك سُمح لي بزيارة خاصة واحدة في ديسمبر/كانون الأول 2019.

كما قلّصت سلطات السجن أيضًا الحق في ممارسة الرياضة يوميًا في الهواء الطلق (المادة 35) بشكل تعسفي، إذ كان يقتصر أحيانًا على عشر دقائق فقط يوميًا - وهي المرة الوحيدة التي يُسمح لنا فيها بإجراء مكالمات هاتفية وغسل ملابسنا وممارسة الرياضة. وقد جرى استخدام [هذا الإجراء] لمعاقبتنا جماعيًا، حتى أنّه جرى احتجازنا في زنازيننا 24 ساعة يوميًا على مدى ثلاثة أشهر في العام 2015 ولمدة شهر تقريبًا في العام 2017.

وحتى الآن، منذ وفاة السجين السياسي حسين خليل في أبريل/نيسان 2024 بسبب الإهمال الطبي الواضح، حُرم السجناء المُضرِبون في عدد من مباني سجن جو من المكالمات الهاتفية والزيارات والوصول إلى متجر السجن حيث يمكنهم شراء المواد الضرورية.

التمييز الديني

تضمن المادة 27 من القانون حق السجناء في "ممارسة شعائرهم الدينية في وقتها، مع عدم الإخلال بأمن المركز ونظامه" مع ضمان "مراعاة مشاعر النزيل".

على مدى السنوات العشر الماضية، توصلت إلى نتيجة واحدة: حرية الدين في السجون البحرينية هي امتياز بدلًا من كونها حقًا.

بالنسبة للسجناء الشيعة، الذين يُشَكّلون الغالبية العظمى من السجناء السياسيين في سجن جو وغالبية نزلاء السجن، فإنهم يُحرَمون من الوصول إلى العديد من الكتب الدينية، على الرغم من أن هذه الكتب متوفرة على نطاق واسع في المكتبات البحرينية. وقد شمل ذلك كتبًا في فقه وعقيدة الشيعة، والتي تتضمن أعمال علماء الشيعة البارزين، بمن فيهم علي السيستاني، وصادق الشيرازي، ومحمد تقي المدرسي. لا يُسمح للسجناء بالحصول على كتب الصلوات والأدعية مثل مفاتيح الجنان ومُنتَهی الآمال التي جمعها العلامة المحترم الشيخ عباس القمي، حتى على نفقتهم الخاصة.

قبل مارس/آذار 2017، كان يُسمح للسجناء الشيعة بالصلاة جماعة كل يوم (ما يصل إلى ثلاث مرات في اليوم) ولم تكن هناك قيود على عدد الأشخاص الذين يمكنهم الانضمام. ومع ذلك، بدءًا من من مارس/آذار 2017 حتى أغسطس/آب 2022، لم يُسمح لنا بصلاة الجماعة. في يونيو/حزيران 2017، كان عدد قليل منا يصلي معًا داخل زنزانتنا وشاهدتنا السلطات عبر كاميرات المراقبة. كانت الليلة العشرين من شهر رمضان المبارك، وهي ليلة مهمة عند المسلمين الشيعة. جاء ضابط لتوبيخنا، وقال لنا إنه لم يسمح لنا أحد بالصلاة، وهددنا بمعاقبتنا إذا لم نتوقف. لقد أنهينا صلواتنا غير مكترثين لكلامه، ما أدى إلى حبسنا في زنازيننا لمدة أربعة أيام وجرى وقف العديد من امتيازاتنا الأخرى.

الحرمان من الرعاية الطبية

استُخدِمَت الرعاية الصحية كسلاح ضد السجناء السياسيين من خلال الإهمال الطبي المتعمد، ما يحرمنا من العلاج الضروري.

خلال فترة وجودي في السجن، رأيت أن الطاقم الطبي في عيادة السجن مكتظ بالسجناء، ما أدى إلى تدهور حاد في الخدمات الطبية. وكثيرًا ما فشلت الإدارة في احترام مواعيد العيادات الخارجية، وذلك لأسباب أمنية في كثير من الأحيان، كما تكرّر النقص في الأدوية لفترات طويلة.

على المستوى الشخصي، طلبتُ مرارًا وتكرارًا أن تجري معاينتي من قبل طبيب أسنان، لكن جرى تجاهلي. وبعد عدة زيارات إلى عيادة السجن، حصلت أخيرًا على موعد، ليُقال لي أنّ العلاج متاح للموظفين فقط. لقد أضربت عن الطعام لمدة 150 يومًا وتلقيت العلاج في النهاية. لكن أثناء العلاج طلب مني الاستشاري شراء أدوات جراحية بقيمة 250 دينارًا، وهو ما يخالف الحق القانوني في الرعاية الصحية المجانية. وعندما تقدمت بشكوى بهذا الشأن قبل خمسة أشهر من إطلاق سراحي، جرى وقف علاجي وعلاج عدد من السجناء الآخرين.

أثناء وجودي في السجن، كانت لوزارة الداخلية وإدارة السجن السيطرة الكاملة على توفير الرعاية الصحية للسجناء. بين العامين 2014 و2018، فشل أطباء السجن في توثيق الإصابات أو علامات التعذيب التي أُصيبَ بها النزلاء، إلى أن جرى استحداث قسم جديد للأمن الوقائي للإشراف على الضباط والسجناء. وفي الفترة الأخيرة، وبموجب التعديلات التي أُدخِلَت على قانون السجون، نُقِلَت المسؤولية الأساسية عن صحة السجناء إلى وزارة الصحة، وسُمِح للأطباء بطلب النقل والإحالة عند الضرورة (المادة 30). وعلى الرغم من أنّ هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، إلا أن السلطات لا تزال تتذرع بأسباب أمنية لمنع السجناء من تلقي الرعاية الطبية المناسبة.

خاتمة

احتجازي، الذي امتد عقدًا من الزمن، سلّط الضوء في سجن جو الضوء على التناقض الصارخ بين الإطار القانوني لقانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل في البحرين والواقع المرير الذي يشهده السجناء، وخاصة أولئك المحتَجَزين على خلفية تهم سياسية. وعلى الرغم من ضمانات القانون بتوفير معاملة إنسانية، إلا أنّني شهدتُ الانتهاكات المنهجية والإجراءات العقابية والتمييز الديني واستغلال الرعاية الصحية كسلاح ضد السجناء السياسيين، وعانيتُ منها.

إن الظروف القاسية في سجن جو تتطلب التدخل الفوري والإصلاح الشامل. يجب أن تكون حقوق السجناء أكثر من مجرد نظرية؛ ويجب دعمها بشكل فاعل من خلال ممارسات شفافة وإنفاذ قوانين الحماية بشكل صارم. فقط من خلال الالتزام الحقيقي بالإصلاح يمكن تحقيق وعود قانون مؤسسة الإصلاح والتأهيل.

النص الأصلي