هل كنس "كأس الخليج" كراهيات 2011؟

هل كنس
هل كنس "كأس الخليج" كراهيات 2011؟

مرآة البحرين - 2025-01-08 - 12:42 م

"تمتلك الرياضة قدرة على تغيير العالم، إن لها قوة الوحي، ولها القوة على توحيد الناس بنحو لا تماثلها فيه إلا أشياء قليلة أخرى (..)، يمكن للرياضة أن تخلق الأمل حيث لا يوجد غير اليأس، إنها أكثر فاعلية من الحكومات في تقويض الحدود العرقية، إنها تضحك في وجه أشكال التمييز جميعها."

*نيلسون مانديلا

 

هذا السؤال الذي نطرحه، هو سؤال سياسي يطلّ برأسه من فوق فوز منتخب البحرين بكأس الخليج لعام 2025، وهي مسألة استدعت هذه الأيام، حديث الصحافة الرسمية حول الاعتماد على "الكفاءات الوطنية".

 

السؤال هو كالتالي: هل لعبت "قوّة الوحي" التي يتحدث عنها مانديلا دوراً جعلت من الاعتماد على "أبناء القرى" في المنتخب الوطني يتجاوز "كراهيات 2011" بتداعياتها المستمرة؟ أين ذهبت حمولة كون هؤلاء "خونة صفويين أبناء متعة" لتقدّمهم اليوم كأيقونات بطولية؟

كان بإمكان اتحاد كرة القدم البحريني الذي يقوده من الخلف، نجل الملك، ناصر بن حمد آل خليفة، أن يجنّس لاعبين من بلاد ما وراء البحار كما يفعل مع من يمثلون البحرين في الألعاب الأولومبية، لكنه بالطبع سيخسر أشياء أخرى لا يمكنه تعويضها بأي شيء، سيخسر الجماهير البحرينية، وسيخسر وطنية المنتخب. 

 

 مثلاً، بإمكان الاتحاد أن يختار حارس مرمى غير "إبراهيم لطف الله"، أو مهاجماً غير "محمد مرهون"، لكنه بالطبع لن يحصل على مثلهم، فما يجعل "الساحرة المستديرة" تتدحرج هنا، فتخلق الأمل وتتجاوز ركام السياسة، هو كون هؤلاء بحرينيين أباً عن جد، وهم يمثلون البحرينيين بقوّة الدم. البحرينيون هنا يشاهدون أنفسهم في المرآة. 

 

 

إذن أين ذهبت "كراهيات 2011"؟ 

مفتاح الإجابة يكمن في "المهارة"، عندما تكون لديك المهارة اللازمة، النادرة، والمطلوبة، يصبح من الصعب تجاوزك، لكن هذا المفتاح ليس هو وحده محور الإجابة. 

 

 يشبه الأمر ما يسمى بـ"تضافر المصائر"، عندما تكون علاقات التعاون والتفاعل بين الأفراد قائمة على المصالح المشتركة، بحيث يتناسى فيها الطرفان خصومتهما وينطلقان لتحقيق الهدف. 

الخطير في هذا، أن "الكراهيات" في هذه الحالة لا تختفي تماماً وإنما تكون مضمرة، أو يتم تأجيلها إلى أن يكون الخصمان متفرغان للمعركة القادمة. 

 

ولأنّ كرة القدم تضحك في وجه أشكال التمييز جميعها كما يقول مانديلا، فهي تحقق "قوة الوحي" وتُنزِل "الكراهيات" من عليائها إلى مكان مشترك، إلى حقيقة أن "المهارة" قبل "المذهب"، "الكفاءة" قبل "الولاء".

 

ما يهمنا في هذا، أن الأمر الذي حاولت المعارضة أن تُفهمه الحكومة طوال عقود، أفهمته إياها "كرة القدم" بنحو أسهل وأسرع، ليس لأن المعارضة لم تكن تتقن كيف توصل هذه الرسالة، وإنما لأن السلطة كانت تضع أصابعها في آذانها طوال هذه السنوات، مدفوعة بالأثرة والغرور والاستعلاء. 

 

في كتابه، "لماذا تُلعب كرة القدم 11 ضد 11؟"، يذكر لنا "لوثيانو بيرنيكي" قصة لعب الجنود الإنجليز والجنود الألمان "مباراة وديّة" على أرض المعركة خلال الحرب العالمية الأولى، بحيث استطاع الجنود أن يعقدوا هدنة وأن يلعبوا مباراة وسط أسوأ النزاعات السياسية والاجتماعية التي عرفها تاريخ البشرية كما يقول. 

 

ولا شك أن الأمر ليس بهذه السهولة، فعالم السياسة ليس بهذا التبسيط الذي يجعل من خصمين، ينسيان ما بينهما من دماء، ثم يلعبان "مباراة كرة قدم ودّية". وقد لا يعني، بحكم التقاطعات المعقّدة في هذا العالم الشائك، ومبدئية أن تُحقق المطالب الشعبية، ويسود الإصلاح، وأن تُقام دولة العدالة، أن نتناسى كلّ ذلك ونذهب للركض وراء "الساحرة". لا، ليس هذا هو الأمر.

 

الأمر أن لدينا تجربة الآن، فهل يمكن البناء عليها؟ 

إنّ شيئاً من "قوّة الوحي" التي جعلت صانع القرار يتجاوز "كراهيات 2011" عندما اختار "إبراهيم لطف الله" و"محمد مرهون" بحمولتهما المناطقية والمذهبية المثقلة بذاكرة المعارضة، ربما يكون كفيلاً بأن يُعبّد الطريق نحو حلّ سياسي يبدو مستحيلاً بأدوات السياسة وحدها، فهل بالإمكان أن يحدث ذلك؟