فليترك علي الدرازي حقوق الإنسان لأهلها!
مرآة البحرين - 2025-01-15 - 11:30 م
المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان هي مرآة الحُكم في البحرين. الى الكوكب نفسه ينتميان: الانفصال عن الواقع. كما أن الملك حمد بن عيسى يغرّد خارج سرب الشعب، يغرّد رئيس المؤسسة علي الدرازي كذلك خارج سرب السجناء ولاسيّما السياسيين.
في إطلالاته وأخباره، يحرص الدرازي على تظهير نشاطات مؤسّسته على أنها المخلّص للسجناء، وعلى أنها "حلّالة" مشاكلهم، غير أن المصيبة الكبرى تكمن في شخصه قبل أيّ شيء آخر. المهندس الفاقد لأية كاريزما إدارية أو اجتماعية، يحظى بإجماع من عوائل المعتقلين على ضعفه وسوء أدائه. لا يثقون به ولا يُعيرون اهتمامًا لكلّ تمثيليّاته التي يهدف من خلالها الى القول إن المعتقلين في أحسن أحوالهم ويمرّون بأفضل ظروف حياتهم.
عام 2009، قرّر ملك البحرين إنشاء المؤسسة تماشيًا مع مشاريعَ صورية كثيرة في البلد، يمكن تقديمها أمام الرأي العام الغربي لتبييض صفحته وترقيع تقصيره واستفراده وتحكّمه بكلّ مفاصل الدولة. من ضمن الاختصاصات التي تُدرجها على صفحتها، تقول المؤسسة إنها معنية بدراسة التشريعات المتعلّقة بحقوق الإنسان والتوصية بالتعديلات أو إصدار تشريعات جديدة، والتأكد من ملاءمتها للمعاهدات الإقليمية والدولية. لكن على مدى 16 سنة وإلى الآن، لم تستطع المؤسسة الطموحة أن تصفّر سجون الدولة من المعتقلين السياسيين الذي يُحاسبون ويُعاقبون بسبب خياراتهم ومواقفهم التي تضمنها المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بما أن اختصاص المؤسسة وعنوانها الوحيد حقوق الإنسان.
الساعي إلى المنصب لا إلى التأثير والتغيير، هي أكثر التوصيفات التي تنطبق على علي الدرازي، والمتسلّق حدّ النخاع من أجل المكاسب والأموال والدنانير. مُطيع إلى أبعد الحدود للملك وحاشيته، وأبعد ما يكون عن اتخاذ أيّ قرار أو خطوة قد تُنصف السجناء السياسيين وتعترف بحقوقهم الطبيعية. خلال كلّ سنوات أزمة الـ2011، وما تلاها من توقيفات وأحكام وازيداد بنسبة السجناء، لم يظهر الدرازي يومًا ناقلًا لما يجري في الزنازين أو فاتحًا أيّ تحقيق، أو نقاش في الحدّ الأدنى، من شأنه أن يقود مسؤول واحد عن الانتهاكات إلى الحساب، على الرغم من كلّ الأخبار المتداولة من عوائل وحقوقيين عن معاناة مُتفاقمة وظروف صعبة وتضييق يعيشه السجناء.
يمكن تشبيه المؤسسة التي يترأسّها الدرازي بقسم تابع لوزارة الداخلية، الراعية الرسمية للمشروع الأمني وإلغاء الصوت الآخر في البحرين. لا تمايز أو واقعية يمكن للمؤسسة أن تعتمدها، فأساس إنشائها كان يقوم على المُبايعة المُطلقة للحاكم وأجهزته. لا خروج من عباءته، بل تقديم فروض الطاعة، ولعب دور شاهد زور يزيّف الأحداث لصالح الملك. يمشي بسردية مُختلَقَة عن أوضاع نموذجية يعيشها السجناء تضاهي السجون المُترفة كتلك التي في النرويج والسويد واسكتلندا ونيوزلندا وفرنسا.
بدل العمل على تصفير السجون والتخلّص من كلّ أشكال العقوبات واختراع السجون المفتوحة التي تأتي على خلفية سياسية بحتة، لم تتمكّن المؤسسة برئاسة الدرازي من حجز مقعد لها في نادي المؤسسات الحقوقية المعترف بها دوليًا، فهي لا تملك أيًا من مقوّمات جميعات ومنظمات حقوق الإنسان عالميًا.
وعليه، صفر هو الرقم المناسب وضعه في خانة إنجازات المؤسسة. لا تطوير للقوانين، لا تشريعات، بل لقاءات وندوات غير مؤثّرة أو فعّالة، وإشادات مُتلاحقة بسياسات الملك والدولة في مسيرة حقوق الإنسان. أمّا حكاية اللجان العاملة تحت جناحها، كلجنة الحقوق والحريات العامة، ولجنة زيارة أماكن الاحتجاز والمرافق، ولجنة الشكاوى والرصد والمتابعة، فلا تعدو كونها "كومبارس" فاشل لتجميل صورة الدولة في تعاطيها مع ملفّ السجناء.
تُهمِل المؤسسة كلّ البيانات والأخبار التي تنقلها جمعيات حقوقية ومدافعين عن حقوق الإنسان داخل البحرين وخارجها، وحتى شكاوى عوائل المعتقلين، وتذهب إلى ما هو أبعد كالإشادة بمراسيم العفو الملكي عن السجناء، وإطلاق المزاعم عن التزامها بالمعايير الإنسانية، غير أن الماء تكذّب الغطاس كما يقول المثل. بقاء الشكاوى والإضرابات والسجناء يكذّب الدرازي ومؤسسته.