شحّ الكوادر الوطنية في البحرين: كذبة مُستهكلة
مرآة البحرين - 2025-01-20 - 11:33 م
في ردّها على لجنة التحقيق النيابية المعنية ببحرنة الوظائف في القطاعيْن العام والخاص، أعلنت هيئة الكهرباء والماء البحرينية أن لديها خطة تهدف لرفع نسبة البحرينيين العاملين في الهيئة إلى 90% خلال السنوات الثلاثة القادمة، موضحة أن أهم ّالمعوّقات والتحدّيات التي تحول دون إحلال البحرينيين مكان الأجانب، تتمثّل في شحّ التخصّصات والكوادر الهندسية المطلوبة في قطاعي الكهرباء والماء.
الحجّة الثابتة والحاضرة لدى أجهزة الدولة في تفضيل الأجنبي على ابن البلد في مختلف مجالات العمل إذًا، هي تَعذّر وجود بحرينيين لملء الشواغر المطلوبة.
أكثر من ملاحظة تُسجّل هنا إزاء استخفاف الجهات التابعة للدولة بعقول المواطنين، ومحاولاتها التغطية على جرم توظيف الأجنبي في كلّ المجالات المُتاحة، ويمكن اختصارها بالآتي:
* مؤسسات الدولة ترفض مساعدة أبناء البلد وتوفير فرص عمل حقيقية، ولاسيّما في قطاعي الكهرباء والماء الذي عمل فيها البحرينيون لنحو 37 عامًا.
*الاستهانة الفاقعة بقدرات المواطنين لا تُجدي. بشهادة من زار المملكة من خبراء في قطاع الماء والكهرباء في السنوات الماضية، البحرينيون متمكّنون فعلًا لا قولًا من تشغيل وإدارة وصيانة محطات الإنتاج والنقل والتوزيع.
* ذريعة عدم وجود مراكز تدريب تبدو ضعيفة، بدليل أنه منذ 50 عامًا كان هناك مركز تدريب في محطة سترة يضمّ عمّالًا مؤهلين ثمّ نُقل الى جوار المحطة، وبعدها أُهمل. وعليه، مراكز تدريب وصقل الكوادر البحرينية موجودة والدولة تتعمّد ضربها وإفشال جهودها.
* من يُستقدمون من الخارج يأتون بلا خبرة عملية، خلافًا للبحرينيين الموجودين أصلًا في البلد ويتولّون بأنفسهم تدريب الأجانب الوافدين، ما يدحض حجّة نقص الكوادر الوطنية.
يقول أحد العاملين سابقًا في هيئة الكهرباء والماء إنه راجع يومًا قسم التوظيف بشأن طلب أحد المهندسين ذوي الخبرة، فكان جواب أحد المدراء أن لديهم 4 ملفات كبيرة كلّها طلبات لمهندسين وفنيّين، ومعظمهم أصحاب خبرة، وهذا يعني أن الطلبات موجودة وأخفيت، فأين هي؟
بحسب العارفين، كل المناصب الهندسية في البلد، سواء مهندسين أو فنيْين وحرفيّين كانت من نصيب البحرينيين، الذين كانوا يُديرون محطات الإنتاج والنقل والتوزيع بشهادة كلّ من زار البحرين من الشركات والخبراء الأجانب.
العارفون يؤكدون أن قطاع الإنتاج تمّ خصخصته، فمحطة الحد للطاقة كانت مملوكة للدولة ويعمل فيها أكثر من 80% من البحرينيين، غير أن النسبة تحوّلت إلى أقل من 40% حين تمّ تخصيصها وتشغيلها من قبل شركات القطاع الخاص، وكذلك محطات الدور والعزل، معظم العاملين فيها من الأجانب.
بناءً على ما تقدّم، أداء مؤسسات الدولة والحكومة لا يبعث على الأمل أو في الحدّ الأدنى الاقتراب من الوصول الى حلّ عادل لأزمة الوظائف وتوفير فرص عمل جدية للمواطنين، في ظلّ التفريط بالطاقات البحرينية الواعدة، مقابل منح الثقة المطلقة للأجانب، وإقناع الناس بجدوى خيار توظيف الأجانب وسياسة استقطابهم.
في الخلاصة، مهما أوصت لجنة التحقيق البرلمانية بهدف مواءمة المخرجات التعليمية مع احتياجات سوق العمل، لن تستطيع أن تُجبر الدولة على التوقّف عن توظيف الأجانب. في الأصل دورها قد يكون صوريًا بلا تأثير، حتى لو تعاونت مع وزارة التربية والتعليم ومجلس التعليم العالي وجهاز الخدمة المدنية ووزارة العمل وجامعة البحرين من أجل الوصول إلى هذه الغاية. حتى لو قالت إنها ستُفعّل رقابتها على النظام الموازي للبحرنة. حتى لو تحدّثت واستنجدت بأدوات لقياس آثاره على أعداد العاطلين البحرينيين في سوق العمل. كلّ هذا لا ينفع طالما أن الدولة ما تزال على أسلوبها في استقطاب الوافدين إلى شركاتها ومكاتبها.