"وثائقي" وزارة الداخلية لا يُجمِّل.. أزمة السجناء لا تُخبّأ

مرآة البحرين - 2025-01-22 - 10:03 م

بعنوان "الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل إدارة الأزمات وفق مبادئ حقوق الإنسان"، نشرت وزارة الداخلية البحرينية على حسابها على "انستغرام" فيلمًا أشبه بالوثائقي تمّ إعداده بإخراجٍ لافت وبهدفٍ واحد: السجناء يعيشون في أحلى الظروف.

 

الفيديو أو الفيلم مدّته 6 دقائق و53 ثانية، مليءٌ بـ"الكومبارس" المطلوبة استضافتهم من أجل خدمة الغاية المتوخّاة وهي تبييض سمعة أجهزة الدولة ولا سيّما الإدارة العامة للإصلاح والتأهيل. 

 

9 شخصيات تتحدّث في الفيلم القصير، من النقيب في إدارة الإصلاح والتأهيل عبد الرحمن الخشرم، ورئيس المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان علي الدرازي، مرورًا بالأمينة العامة للتظلّمات ورئيسة مفوضية حقوق الإنسان والمحتجزين غادة حبيب، والنائب أحمد السلوم، ورئيس مجموعة حقوقيون سلمان الناصر، ومستشارة الرئيس التنفيذي لشؤون عيادات مركز الإصلاح نعمت السبيعي، وصولًا إلى نزيل واحد، ووالد آخر، وزوجة ثالث. 

 

المؤكد أن الفيديو يقصد ما يجري في سجن جو المركزي وكلّ ما يُرافقه من أخبار مُسرّبة تنقل مُعاناة المعتقلين السياسيين حصرًا، وما يمرّون به من تضييق يطال حقوقهم الطبيعية في السجن، فكلّ ما يتردّد ويتكرّر على لسان ضيوف فيلم وزارة الداخلية يتمحور حول أن المسؤولون عن المركز يطبّقون القانون ومبادئ الإنسانية، ويتعاملون بحكمةٍ مع حالات التمرّد والعصيان وأعمال التخريب التي يُنفّذها عددٌ من النزلاء، وفق ادّعائهم.

 

هل يظنّ المشرفون على الفيديو ومن أمَرَ به بأنّ من شاهده سيقتنع أن كلّ شيء على ما يُرام في السجن؟ كيف ينسجم كلّ ما عُرض في الفيديو من مداخلات، مع إفادات السجناء السياسيين في أكثر من مبنى في سجن جو، تشكو المعاملة السيّئة والإهمال الطبي والظروف النفسية القاسية، بحسب ما ينقل أهالي وعوائل المعتقلين؟

 

المعلومات التي يوردها الحقوقيون طبقًا لمصادرهم تُبيّن لائحة طويلة من المشاكل التي يعيشها المعتقلون في المباني 2 و3 و 5 و7 و8 و10 في سجن جو، وهي التالي: 

 

* الحرمان من الملابس وأدوات العناية الشخصية

* الاحتجاز المطوّل داخل الزنازين

* الحرمان من الأنشطة الرياضية والتشمّس

* برودة الزنازين وغياب التدفئة المناسبة

* سوء الوجبات الغذائية

* التقصير في العلاج والرعاية الصحية

* افتقار المباني إلى النظافة

* عدم توفير الملابس الشتوية المناسبة

* صعوبات في تنظيف الملابس

 

 

وعليه، تكمن المشكلة في عدم اعتراف أجهزة الدولة الممثّلة اليوم بمركز الإصلاح والتأهيل بأخطاءٍ جمّة تُقدم عليها بحقّ سجناء الرأي، لا بل تُكمل في نهجها وتتغاضى عن أفعالها وجرائمهما الإنسانية. ضمان كرامة السجناء وصحّتهم واجبٌ إنساني وقانوني على الدولة أن تعمل على توفيره بنفسها، حتى تمنع تسجيل الانتهاكات تلوَ الانتهاكات.

 

يومًا بعد يوم، يتأكّد أن سجن جو هو برهانٌ ثابتٌ على عُمق أزمة حقوق الإنسان في البحرين، فهو يُقدّم للداخل والخارج دليلًا حيًّا لإصرار الدولة على سلوك طريق الخطأ في علاجها لملفّات المِحنة القائمة في البلد. أّمّا آلية النُصح والرُشد التي يُروّج لها فيلم "الداخلية" لناحية مقاربة تحرّكات وإضرابات السجناء السلمية، فكان الأجدى بها أن تتبّعها هي، وأن تستخلص العِبَر بعد كلّ هذه السنوات، بأن الكذب لا يوصل إلى نتيجة، ولا ينفع، وأن المُصارحة والاعتراف بالأخطاء الجسيمة التي اقترفتها في الزنازين بابٌ للتصحيح، لا أن تذهب بعيدًا عن الواقع وتُحرّفه بفيديو لا ينقل حقيقة السجون.