عند مؤسسات الدولة .. حقوق أطفال البحرين مادةٌ للاستغلال لا للإصلاح
2025-02-10 - 8:17 م
مرآة البحرين : تحت شعار "لديك الحق.. لديك صوت"، نظّمت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان قبل أيّام الملتقى السنوي الأول لأطفال البحرين. جمعت حشدًا ممّن يهمّونها، واستعرضت خطة عمل مفوض حقوق الطفل في المؤسسة لعامي 2024-2025 التي تركّز على تعزيز حقوق الأطفال في مختلف المجالات.
الإطلاع على فعاليات هذا الملتقى لا يقود إلى نتيجة تبعث على الأمل، بل الملل. تردادٌ وتكرارٌ لكلام شاعري عن حقوق الطفل، بهدف تثبيت فكرة حرص الدولة على ترسيخ حقوق الإنسان في منظومة مؤسّسية، وتجسيد مبادئها التي يتضمّنها دستور مملكة البحرين، وسنّ القوانين والتشريعات الوطنية التي توصل إلى تعزيز وصون حقوق المواطنين كافة، ومنها قانون التعليم وقانون الطفل، وفق ما قال وزير التربية والتعليم محمد بن مبارك جمعة.
كغيره من الندوات والمؤتمرات الصُوَرية يأتي هذا الملتقى. هو أشبهُ بحفل كوكتيل يتساير من يحضره بأحاديث كثيرة. قول ذلك ليس من باب المهاجمة والاعتراض على لا شيء. المشكلة أن سياسة الإنكار تتعمّق أكثر وأكثر في خطاب الدولة وشخصياتها ووزرائها.
إنكار محنة الأطفال وصغار المحكومين في البحرين هنا هو أصل الحكاية. طبعًا لم يأتِ أحد من المشاركين في هذا الملتقى على ذكر هذا الملفّ الذي يسلّط الضوء على حقوق أطفال مسجونين ظلمًا ويعيشون ظروفًا صعبة في زنازينهم.
وطالما أن الدولة تتجاهل هؤلاء تمامًا، وتقفز على فعلتها وكأنّ شيئًا لم يكن، لا يجب التعامي عن معاناة صغار المحكومين الذين دخل معظمهم وما زالوا في سنّ الطفولة إلى السجن لأسباب تعود في مجملها إلى مشاركاتهم في مظاهرات سلمية أو قيامهم بالتعبير عن رأيهم البريء.
بحسب بيانات منظمات حقوقية صدرت عام 2021، تعرّض 607 أطفال في البحرين لألوانٍ مُختلفة من التعذيب بين عامي 2011 و2021.
ووفق ما كشفت مصادر في النيابة البحرينية لقناة الجزيرة عام 2021 أيضًا، فإن أكثر من 150 طفلًا يقبعون في سجون المملكة. 10 منهم في سجن جو المخصّص للكبار، فيما الـ140 الباقون مقسّمون على عنبريْن، واحد مخصّص لمن عمرهم بين 15 و18، والثاني للسجن الانفرادي. وعلى الرغم من هذه التوثيقات، إلّا أن حكومة البحرين، تدّعي عدم وجود أطفال معتقلين لديها، زاعمة أن من تمّ توقيفهم من الفئة العمرية من 15 إلى 18 سنة يقضون عقوبتهم في مركز إصلاحي خاص.
منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين واكبت قضية صغار المحكومين في البحرين، إلى جانب الكثير من الحقوقيين والمهتمّين بهذا الملفّ الإنساني في البلد. وبناءً على هذه المتابعة، تتّضح لائحة الانتهاكات التي يتعرّض لها صغار المحكومين في سجن الحوض الجاف، ولعلّ أبرزها الآتي:
* الحق في التعليم
* الحق في العلاج
* الحق في الحصول على الوجبات الغذائية المتنوّعة والصحية
* الحق في التواصل مع الخارج
* الحق في الزيارات العائلية
* الحق في الحصول على ملابس مناسبة
* الحق في الاستفادة من قانون العدالة الإصلاحية وحماية الأطفال من سوء المعاملة.
المعتقلون الصغار أو الأطفال المسجنون قبل بلوغهم الثامنة عشرة لم تشملهم مفاعيل قانون العدالة الإصلاحية للأطفال وحمايتهم من سوء المعاملة الذي أُقّر عام 2021. لم تتحسّن ظروف صغار المحكومين في الحوض الجاف، ولا أولئك الذي أوقفوا بعد صدور هذا القانون.
اللافت في القانون أنه لا يمنع استجواب الأطفال أو التحقيق معهم من دون حضور المحامي أو أولياء أمورهم، مع العلم أن المادة 66 منه تنصّ على أنه يجب توفير الخدمات الصحية والاجتماعية والقانونية والتأهيلية للأطفال المتهمين في جميع المراحل بما في ذلك خلال الاعتقال والتحقيق.
الأغرب في القانون، ما يرِد في المادة 67 التي تنصّ على أنه لا يحقّ للطفل الاستعانة بمحامٍ إلّا بعد وصول قضية الطفل إلى المحاكمة، على الرغم من أن المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل تنصّ على أن لكلّ طفل في نزاع مع القانون الحق في "الوصول الفوري إلى المساعدة القانونية".
الثابت في هذه القضية الإنسانية، أن سجن صغار المحكومين يفتقر لأبسط الحقوق الأساسية، ويتعرض فيه المعتقلون على خلفيات تتعلق بالحق في التعبير لسوء المعاملة والتعذيب والانتقام، ما يُعرّضهم لمخاطر ومضار نفسية وصحية تتنافى مع المبادئ والقيم الإنسانية والأخلاقية.
وعليه، فإن البحرين ومن خلال تعريض صغار المحكومين للانتهاكات، تخالف اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية، وقواعد نيلسون مانديلا التي تشدد على حقوق السجناء، ومن بينها:
* معاملة جميع السجناء باحترام بسبب كرامتهم المتأصلة وقيمتهم كبشر،
* حظر إخضاع أي سجين للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وتوفَر لجميع السجناء الحماية من ذلك،
* الحصول على التمثيل القانوني والتحقيق في جميع حالات الوفاة أثناء الاحتجاز، والإجراءات التأديبية والعقاب.
بناءً على كل ما تقدّم،لا توازن أو انسجام بين حقوق الأطفال والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، طالما أن سنّ القوانين والتشريعات الوطنية لا تصون الطفل وتحميه من السجن ولوْعاته. والعِبرة لن تكون في اللقاءات والندوات والتحشيدات الإعلامية لهذه المؤسسة بقدر ما هي في تطبيق أصول حماية هذه الحقوق.
- 2025-02-09قوة دفاع البحرين.. الصورة الجامعة مفقودة
- 2025-02-07وصايةٌ إيطالية على البحرين بحجّة التطوير الرقمي
- 2025-01-29الهوية المهدّدة.. هاجس البحرينيين
- 2025-01-27"قراندول" المتكاثرة.. "العرف البلغريفي" يقود السياسة الرسمية في رعاية الاتجار بالبشر!
- 2025-01-25الصحافة في حضرة الملك.. تمثيلية رخيصة وتطبيل فاشل