الأمر لك

2013-01-18 - 6:43 م


الأمر لك: شعار يجري استخدامه من جانب مناصري الزعيم الروحي الشيخ عيسى أحمد قاسم، للتأكيد على التسليم بمركزيّته المطلقة وقيادته للتيّار الشيعي، بعد أن عاد من قم (2011)، حاملاً رتبة «آية الله» الرّفيعة، حسب التسلسل الهرمي في الاجتهاد الشيعي. ويظهر الشعار في  اللافتات التي تعلّق في المواسم، أكثر منه في الهتافات. إضافة إلى الأناشيد والشيلات التي يضعها منشدون يُحسبون على خطّه.

إذ تقول أنشودة ثورية بعنوان «لا خوف عليك» للمنشد الحسيني الشيخ حسين الأكرف ضمّنها إصداراً له نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، بعد تهديدات من مسئولين في السلطة للشيخ قاسم «قسماً يا قاسم إن الأمر لكْ/ والفجر وكل عظيمٍ والفلكْ/ من مسّ عباءة ظلك قد هلكْ». ويرد في قصيدة أخرى للشاعر عبدالله القرمزي بعنوان «الأمر لك»: «أتته القيادةُ من بابها/ تُسبب أوضح أسبابها/ عليه تقيسُ حدودَ المنى/ وتُحكمُ تفصيل أثوابها/ ولم تكُ تحلم إلا به/ ولم يكُ يزهدُ إلا بها/ ونعم القيادةُ تلك التي/ تديرُ الحياةَ بمحرابها».

ويقابل هذا الشعار، شعار «اللامركزيّة» الذي نظّر له وأدخله ضمن أدبيّات المعارضة الشيعيّة أمين عام حركة «الوفاء» الإسلاميّة، عبدالوهاب حسين، دفاعاً عن مبدأ التعدديّة في القيادة. ويستبطن طرحه، مع الشعار الأوّل، جانباً من الصراع على الرأسمال السياسيّ الرمزي داخل التيار الشيعي المعارض، بين نخبتين، بدأت تتضح معالم خلافهما منذ العام (2005) مع طرح قانون الجمعيّات السياسية، وجرى ترسيم الحدود بينهما علانية مع اندلاع ثورة 14 فبراير/ شباط 2011. ويقول حسين في خطاب له بدوّار اللؤلؤة (28 فبراير/ شباط 2011) «المركزية في اتخاذ القرارات بالخطوات الاحتجاجية هي مقتل إلى الثورة، وأن اللامركزية هي السبيل إلى حيوية الثورة ونجاحها وتقدمها».

ويعارض هذا الشعار أيضاً تيار العمل الإسلامي «أمل»، المعروف بـ«تيّار الشيرازيين»، وتمثل خطابات أحد أبرز وجوهه، وهو الكاتب كريم المحروس، المقيم في لندن، النموذج الأبرز لرفض المركزية القياديّة، فيما يتلقّى آراءه أنصار قاسم بامتعاض بالغ. ويقول في مقال (1 يونيو/ حزيران 2009) «إن مفهوم الوحدة القيادية المحصورة وراء عقل مرجعي ولائي سياسي منفرد؛ قد أشيع في جزيرتنا بسرعة فائقة، وبأدوات دعائية منظمة، حتى أسفرت السرعة الدعائية هذه عن سقوط مناطق بأكملها تحت نفوذ العقل المرجعي المنفرد». وينوه في هذا الإطار إلى شيوع مصطلحات: «الصلاة المركزية» و«العزاء المركزي» و«الحوزة المركزية» و«النقابة المركزية» و«الفتوى المركزية» و«الحقوق الشرعية المركزية» و«الجمعية المركزية» و«الصندوق الخيري المركزي» و«المــأتم المركزي» وما أشبه.  

ويتقاطع مع هذين الشعارين في الإشكالات التي يثيرها طرحهما، شعار آخر هو «معكم معكم يا علماء» الأقدم منهما، ويعود إلى التسعينات. حيث طرح لأوّل مرّة في خلال ما عرف بفترة «المبادرة» (أغسطس/ آب 1995). وهو يعني التسليم أيضاً، لكن لجماعة رجال الدّين بقيادة الشيخ الرّاحل عبدالأمير الجمري، الذين خاضوا حوارات في السجن مع القيادة الأمنية آنئذ، بقيادة البريطاني إيان هندرسون، بغرض الوصول إلى تهدئة الشارع في التسعينات، تمهيداً للشروع في تسوية سياسيّة، وقد دُعي ذلك بـ«المبادرة». 

ثم تطوّر استخدامه لاحقاً، لمحض التسليم بقيادة رجال الدين الآخرين، لكن من المدرسة نفسها. ويعدّ عبدالوهاب حسين، الذي تلقّى العلوم الدينية أيضاً في مرحلة ما من الثمانينات، لكن ظلّ يُنظر إليه كـ«أفندي» أو «أستاذ»، من أبرز الوجوه التي ارتبط بها شعار «معكم معكم يا علماء»، كما قاد عمليّة تثبيت شخصية الشيخ عيسى قاسم، كقائد، مع رجوعه إلى البحرين مطلع الألفينات. قبل أن يختلف معه بعد ذلك، على كيفيّة إدارته للملف السياسي الشيعي، ويسعى إلى التمايز بنفسه، والتنظير إلى «التكامل» و«اللامركزية» في القيادة.


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus