كواليس فيديو كليب «موطني»: صَفْعَة وجه حجّي مجيد، وبُكَاء الطفل أحمد النهّام، موطني موطني

2013-02-24 - 7:17 ص


موطني، موطني
الجلالُ والجمالُ والسناءُ والبهاءُ في رُباكْ
والحياةُ والنجاةُ والهناءُ والرجاءُ في هواك
هل أراكْ، هل أراكْ
سالِمًا مُنعَّما وغانِمًا مُكرَّما؟
هل أراكْ في عُلاكْ تبلغ السِّماكْ؟
موطني، موطني


مرآة البحرين (خاص): موطني، هو النشيد الأشهر في العالم العربي، قصيدة فلسطينية عربية وطنية، كتبها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان، ولحنها الموسيقار اللبناني محمد فليفل في العام 1934م. اختارها فريق عمل فيديو كليب "موطني"، للاحتفاء بثورات الربيع العربي، وقد أدّاها، بحنجرته الذهبية، المُنشِد البحريني المعروف حسين الأكرف، فيما شارك في الأداء التمثيلي كلٌّ من الحاج مجيد، المعروف بـ(حجّي صمود)، والطفل المُصاب سابقًا أحمد النهّام، ونُخبةٌ من نُشَطاء الربيع العربي داخل البحرين وخارجها.

لاقى كليب "موطني" إشاداتٍ كبيرة من داخل البحرين وخارجها، وسجّل موقع يوتيوب عددًا كبيرًا من المُشاهدات مُنذ الساعة الأولى لتنزيل العمل، وهو من إعداد واخراج نُخبة من شباب المركز الإعلامي في جمعية الوفاق. مرآة البحرين التقت فريق الإخراج، وكان لها معهم الحوار التالي: 

"موطني" لكل الشعوب العربية..

المرآة: لماذا النشيد المعروف موطني بالذات؟ 
لأنّه معروف كما تفضّلتم، وهي قصيدة عربية وطنية، كتبها الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان في العام 1934، لتُصبح فيما بعد النشيد الوطني الأول في كُلِّ البلاد العربية، استخدَمَتْه الشعوب كنشيدٍ يُعبِّر عن روح الثورة، وكان يُشكِّل النشيدَ غير الرسمي لعددٍ من البلدان العربية، ويُنشَد في مدارس البحرين في الخمسينات، ثم اعتُمد كنشيدٍ وطني في العراق بعد سقوط نظام صدّام حسين عام 2003. 

لهذا اخترناه بالذات، لأنّه يحمل ذاكرةً خاصّة عند الشعوب العربية، يُردِّده الصغار كما يُردّده الكبار، فضلًا عن كلماته الجميلة والمؤثّرة، ولحنه كذلك، ولأنّنا أردنا هذا العمل أن يكون عربيًا لا بحرينيًا فقط، أردنا أن نُهدي هذا العمل لكلِّ شعوب الربيع العربي،   ولهذا أتت الفكرة في المزج بين شخصياتٍ مُختلفة من ثورات الربيع العربي، مع إظهار المعالم التُراثية لهذه البلدان، ما يخلق ترابطًا ثقافيًا بين مُكوّنات الشعوب العربية، يوحي بأصالتها وقربها. 

لم نستثنِ سوريا..

مرآة البحرين: ضَمَّنتم العمل شخصياتٍ عربية من مصر وتونس واليمن والسعودية، والبحرين طبعًا، لكنّكم لم تُضمِّنوه شخصيةً من سوريا، هل هُناك تجاهلٌ لسوريا بالذات؟
إطلاقًا، فقد سعينا لإبراز كلِّ الثورات السلمية، ورغم حساسية الوضع في سوريا، كونَه مُسلَّحًا، فقد سعينا لبعض الشخصيات الحقوقية غير المحسوبة على طرفٍ مُعيّن، من أمثال الناشطة رزان غزّاوي وغيرها، الا أنّ الظروف الأمنية حالت دون إمكانية التصوير عددًا من المرّات.

لم يكُن هُناك استثناءٌ لأيِّ شعبٍ عربي، لو لاحظتم فإن ليبيا أيضًا لم يكن هناك ناشطٌ يُمثِّلها في الكليب، ليس إغفالًا منّا أيضًا، بل إنّ الفريق سعى جهده ليستضيف نشطاء من المغرب وليبيا وسوريا، لكنّ مُعوِّقاتٍ خارجة عن إرداتنا ومُتعلِّقة بالأشخاص أنفسِهم هي التي حالت دون ذلك.
 
نحن مع كُلِّ شعبٍ عربي يتطلّع للحرّية وتفعيل إرادته في تشكيل نظامه السياسي، وهذا مبدأٌ أساسي انطلقنا منه في التعامل مع كلِّ الشعوب العربية. بل إنّنا حتى على صعيد النشطاء البحرينيين، سعينا إلى تنويع الأطياف قدر الإمكان، لكنّ البعض كانت لهم تحفّظات اجتماعية نتفّهمها، لم تُمكِّنهم من المشاركة، رغم رغبتهم في ذلك.

امتداد بين جميع المراحل..

مرآة البحرين: لاحظنا أن الكليب انحصر بين مرحلتين: الطفولة والشيخوخة، هل هناك معنىً مُحدّد تريدون إيصاله؟
نحن لم نحصره بين مرحلتين، بل جعلناه مُمتدًا بينهما، لنُظهِر أنَّ الانتهاكات لم تستثنِ الأطفال ولا الشيوخ، فكيف بالشباب؟ الجميع في البحرين دون استثناء تعرّض للانتهاك، لا فرق بين الطفل والشاب، والرجل والمرأة، أو الشيخ المُسِنّ أيضًا، الجميع شارك في هذه الثورة، ولم يتخلّف عنها حتى شيوخُنا، ولهذا كانت الشخصيتان الرئيسيتان اللتان تمَّ اختيارهما للعمل هما الحاج مجيد، المعروف عند الناس بحجّي صمود، وهو الحريص على الحضور في جميع المسيرات دون استثناء، وقد تعرَّض للضرب والركل والاعتقال أكثر من مرّة، ويقضي الآن مُعتَقَلًا مُنذ تاريخ 14 فبراير الماضي، والبطل الآخر هو الطفل الضحية أحمد النهّام (5 سنوات)، الذي فقد إحدى عينيه بسبب طلقةٍ برصاص الشوزن، عندما كان جالسًا مع والده بائع السمك بالقرب من مسجد الخيف في منطقة الدير. 

صَفْعَة حجّي مجيد..

المرآة: لقد اخترتم أبطال العمل الفنّي من شخصيات الواقع، وكان مطلوبًا منهم أن يؤدّوا مشاهد تمثيلية داخل الكليب، حدِّثونا عن أهم تفاصيل هذه التجربة معكم؟ 

كان الحاج مجيد مُميَّزًا جدًا في التفاعل والأداء التمثيلي، بل كان حريصًا على الحضور في الأوقات المُحدّدة دون تأخير، ويتحمّل الساعات الطويلة في التصوير بلا كَلَلٍ أو ملل. لقد أحبّه جميع طاقم العمل بسبب أخلاقه، والتزامه، ونشاطه، وروحه الخفيفة الظل، ومعنوياته المرتفعة. لم يكن صعبًا عليه تقمّص الدور لأنه يعيشه بشكلٍ طبيعيّ وبشكلٍ يوميّ، لكن كان من الصعب علينا نحن ذلك، وكان أصعب ما واجهنا معه هو مشهد الصفعة، وهو إحالة إلى فيديو الصفعة الذي انتشر في كل العالم وفضح وجه منتسبي وزارة الداخلية المُنتهِك للإنسانية. في المشهد يحاول (الحاج مجيد) أن يُخفي وجه طفلِه (أحمد النهّام) لكي لا يراه يُهان أمامَه، وهو المشهد ذاتُه الذي انتشر في الفيديو الشهير. لم نكن نُريد أن نُوجِّه صفعةً حقيقية لوجه الحاج مجيد، لكنّه أصرَّ علينا وقال يجب أن يكون المشهد حقيقيًا ليرى العالم حقيقة ما نعيشه من بطشٍ وانتهاك، فكانت تلك أصعب لقطةٍ علينا.

الأمر الآخر، أنّنا جعلناه يؤدّي دور صيّادٍ يبيع السمك، في إحالة إلى والد أحمد النهّام، الذي كان يبيع السمك حين باغتته طلقة الشوزن، ففاجأنا الحاج مجيد أنّه مع عدم خبرته في هذه المهنة، إلا أنّه استطاع أن يبيع كمّياتٍ من السمك للمُشترين العاديين، دون أن يشعروا أنّه يُمثِّل دور البائع، أو أنّنا نُصوِّرهم على بعد، ما جعل التصوير يبدو طبيعيًا بدرجةٍ كبيرة.

اعتقال حجي مجيد..

أما الصدفة المؤلمة في العمل، فهي أننا في الكليب صوّرنا الحاج مجيد وهو يُعتقَل عند نقطة تفتيش، المفاجأة أنّنا انتهينا من التصوير في 8 فبراير، وتمَّ اعتقاله في 14 فبراير، عند نقطة تفتيش، أي بالطريقة نفسها فعلًا، لقد تفاجأنا. وقد كان المشهد يصوِّر لحظة اعتقاله بنفس الطريقة التي تمَّ اعتقاله بها في المرة السابقة، أثناء مشاركته في إحدى المسيرات في العاصمة المنامة، وهي أيضًا من الصور (الحقيقية) التي انتشرت بشكلٍ واسع جدًا وسجّلت فظاعةً جديدة لوجه النظام.

بُكاء أحمد النهّام..

أما الطفل أحمد فكانت لنا معه حكايةٌ أخرى، فعندما كنّا نصور مشهد اعتقال الحاج مجيد من سيارته (البيك آب)، وكان المشهد يعرض الطفل وهو يرى الطريقة الهمجية في اعتقال والده، فشاهد أحمد الحاج مجيد وهو يُركَل ويُضرَب ويُلَوَّح بجسده، فكان أن صَمَت وراح يُطالعه وهو يبكي بحُرقة، وكأنّه كان يسترجع مشهدًا مؤلمًا، ما إن انتهينا من تصوير المشهد حتى علا بكاؤه وطلب منا إرجاعه إلى البيت، كان مُرتاعًا. قام بعض الشباب بأخذه إلى الغداء في مكانٍ للألعاب حتى هدأ، وفي اليوم الثاني رفض الحضور للتصوير، ولم يقبل العودة حتى جاء معه أحد أفراد عائلته. تخيّلوا أن مثل هذه المشاهد يراها أطفالنا بشكلٍ طبيعيّ كل يوم في الشوارع. إذا كان هذا الطفل لم يحتمل رؤية هذا المشهد التمثيلي، فكيف بالأطفال أن يحتملوا رؤية الحقيقة بأعينهم كل يوم؟


التعليقات
التعليقات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع

comments powered by Disqus