» ترجمات
روبرت فيسك: تضرر البحرين في تخليها عن الأطباء
2013-03-25 - 10:03 ص
روبرت فيسك: صحيفة الإندبندنت البريطانية
ترجمة: مرآة البحرين
سمعة البحرين المشوهة في حقوق الإنسان ستتلقى ضربة مؤثرة اليوم عند إلغاء مؤتمر كبير يتحدث عن أخلاقيات مهنة الطب في الجزيرة الصغيرة واستقالة المدير الآيرلندي لكلية الطب الرئيسية في البحرين.
أكثر من 20 مواطنًا بحرينيًا قتلوا من قبل القوات الحكومية – ويقول قادة المعارضة أن ذلك أربعة أضعاف هذا العدد – في انتفاضة فاشلة من قبل الأغلبية الشيعية ضد الأقلية السنة التي تقودها حكومة الملك حمد بن عيسى آل خليفة منذ سنتين. اقتحمت القوات الأمنية المستشفيات في المملكة وعذبت المرضى في الرعاية الطبية، مدمرة الخدمات الصحية غير الطائفية. الكلية الملكية للجراحين في آيرلندا – التي دربت العديد من الأطباء الموقوفين من قبل النظام – انتُقدت بعد أعمال العنف لعدم إدانة وحشية الحكومة.
لكن منظمة أطباء بلا حدود ستعلن اليوم قرار إلغاء الاجتماع الدولي للشهر القادم – الذي سيتحدث فيه الأطباء وخبراء حقوق الإنسان ليومين عن "أخلاقيات الطب وتضاربها مع الخلاف السياسي أو العنف" عندما يعلن البروفسور توم كولينز- رئيس جامعة البحرين الطبية- لطلابه الـ 1100 وعماله الـ 240 وقت الغداء عن استقالته احتجاجًا على الإلغاء. تدار الجامعة من قبل الكلية الملكية للجراحين في آيرلندا التي كانت تشارك رعاية المؤتمر مع منظمة أطباء بلا حدود.
أكثر من 40 طبيبًا بحرينيًا، والعديد منهم ملحقون بالجامعة الطبية في الجزيرة والخاصة بالكلية الملكية الآيرلندية للجراحين، اعتقلوا ووجهت لهم تهم التجمهر عام 2011 – 4 منهم مازالوا معتقلين – رغم مناشدة البروفسور كولينز بالإفراج عنهم. وقائمة مرموقة من المتحدثين شملت البروفيسور باتريك رو، رئيس الكلية الملكية الآيرلندية للجراحين، وهو جراح استشاري في مستشفى بيمونت العام في دبلن. آناستازيا كريلي المتعهدة للجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز العنصري والبارونة نوالا أولان أول أمين مظالم مثير للجدل في الشرطة منذ عام 2000 حتى 2007 في آيرلندا الشمالية. العديد من الكاثوليك يثقون بخدمات الشرطة الجديدة في آيرلندا الشمالية من قبل السيدة أولان، حيث سيعرض المنظمون فيلم "الوصول إلى منطقة الخطر" الذي يتحدث أطباء مجموعة أطباء بلا حدود في أفغانستان وغيرها من الحروب، ويرويه دانيال دي لويس.
منذ أشهر ومجموعة أطباء بلا حدود والكلية الملكية الآيرلندية للجراحين يحاولون إقناع العائلة الملكية البحرينية بالسماح بعقد المؤتمر. يقولون إنهم أجبروا على إلغائه عندما فشلوا في الحصول على إذن كتابي من السلطات لعقد الاجتماع في فندق إنتركونتيننتال في العاصمة المنامة. في المقابلة الحصرية، البروفيسور كولينز الذي تتفعل استقالته في يونيو، والذي قضى أكثر من نصف مدة خدمته في منصبه في الجامعة الطبية – يقول إنه قابل ولي العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة بصحبة أحد مسؤولي مجموعة أطباء بلا حدود الرسمية. وأضاف "أنه أعطى موافقته الشفهية لي ولمنظمة أطباء بلا حدود"، قال البوفيسور كولينز."وكان هذا في أواخر الخريف من العام الماضي وقال: "أريد أن ينقعد هذا المؤتمر ولكن لم يصل إذن كتابي".
وفقا لزملائه، أحس البروفسور كولينز بوجود تشابه مهم بين الوضع في البحرين وآيرلندا الشمالية، مما يجعل المؤتمر قيّمًا للبحرين. كان هناك بعد طائفي في انتفاضة البحرين – ولكن لم تكن الانتفاضة في البداية طائفية لا في البحرين ولا في آيرلندا الشمالية، كما أريد لهما لاحقًا" قال أحد زملاءالبروفسور. في القضيتين استخدمت السلطات الأسلوب الأمني في الرد على المشاكل السياسية. مما أدى إلى دق إسفين الطائفية بشكل أعمق. ثم جاءت الاعتقالات في آيرلندا الشمالية والأحد الدامي، كل هذه كانت ردودًا غير متناسبة، قادت إلى تطرف الأقلية الكاثوليكية من السكان. والآن يوجد مستوى عال من التطرف بين الشيعة في البحرين. والعبرة من آيرلندا الشمالية هي أنك يمكن أن تخلق مشاركة سياسية توفر الأطر الشرعية والمؤسسية لضمان حقوق الإنسان".
هذا المشهد جعل المؤتمر مشحونًا في أعين العائلة البحرينية الحاكمة، التي دعت إلى تحقيق علني في عنف عام 2011، والذي أطلقت فيه الشرطة الرصاص الحيّ على المتظاهرين الشيعة غير المسلحين الذين اعتقدوا أن وقت ثورتهم قد حان بعد الثورة التونسية والمصرية. لكنهم احتجوا على عجل من دون برنامج مسبق للثورة. تم طرد الآلاف من المتظاهرين في ميدان اللؤلؤة، والعديد تم اعتقالهم في المستشفيات بعد أن أصيبوا من قبل الشرطة. بعد ذلك تم هدم نصب دوار اللؤلؤة من قبل الحكومة. لجنة بسيوني لتقصي الحقائق التي دُعيت من قبل العائلة الحاكمة، أصدرت تقريرًا قاسيًا عن القمع والتعذيب من قبل السلطات، لكن لم يتم تفعيله. البروفسور كولينز كتب للبروفسور شريف بسيوني توصياته الخاصة بالإفراج عن الأطباء. ولكن لم يتلق أي رد.
العائلة المالكة في البحرين، التي تسيطر عليها السعودية والتي أرسلت جنودها إلى الجزيرة كجزء من قوة دول مجلس التعاون لسحق الانتفاضة، تواجه الآن مهمة صعبة لشرح لِمَ لا يمكن عقد مؤتمر دولي بشأن أخلاقيات مهنة الطب في المملكة. الدكتور بارت جانسين مدير العمليات في مجموعة أطباء بلا حدود يقول: "بأنه بعد سنة من المناقشات، لا نزال نحتاج إلى الدعم لانعقاد المؤتمر. كنتيجة، نضطر إلى استخلاص أنه اليوم في البحرين لا يمكن لأصحاب المهن الطبية والمشاركين العالميين المحايدين إجراء محادثات حول أخلاقيات مهنة الطب". ووفقا للدكتور البلجيكي جانسيس "أن منظمة أطباء بلا حدود ستبدأ بالبحث عن مواقع أخرى في الخليج.
البروفيسور كولينز، والذي تأثر كثيرًا بالعنف، يقول إنه لا يريد أن يضر الكلية الملكية الآيرلندية للجراحين التي تقدر أرباحها بـ 2 مليون دولار (ما يعادل 1,3 مليون جنيه إسترليني) سنويا بالرغم من أنها مدينة حاليًا بـ 50 مليون دولار. ومع ذلك فهو يريد أن يسهم في تحقيق الاستقرار في البحرين. لقد أخرست التجارة البريطانية ووجود الأسطول الخامس الأمريكي في البحرين بشكل فعال أي انتقاد جدي من السادة كاميرون وأوباما. ودُعي الملك حمد لليوبيل الذهبي للملكة.
منظمة أطباء بلا حدود اقترحت مرارًا وتكراًرا على وزارة الصحة البحرينية بأن ترافق مرافقة المرضى إلى المراكز الصحية للتأكد من أن كل من الموظفين والمرضى وأفراد الأمن يتصرفون امتثالا لأخلاقيات مهنة الطب. فشلت الوزارة في الرد، جوناثان ويتول من منظمة أطباء بلا حدود في الشرق الأوسط يقول بأن المرافق الصحية أصبحت ساحة معركة.
في بداية الانتفاضة، استخدمت المعارضة مستشفى السلمانية كمنصة انطلاق للمظاهرات - وبعد ذلك كان رد فعل الحكومة على نحو غير متناسب وذلك بعسركة الرعاية الصحية، كما يقول. أصبحت المستشفيات مكانًا مخيفًا. كان هدف المؤتمر تسليط الضوء على إشكاليات أخلاقيات مهنة الطب، واستعادة الثقة في النظام الصحي في البحرين. ليس في البحرين فقط إنما في المناطق التي تنطوي على هذا النوع من المشاكل والذي سوف يفيد المرضى في الوصول إلى المستشفيات من غير خوف. الفشل في انعقاد هذا المؤتمر ليس نكسة على البحرين فقط إنما على المنطقة ككل.
تنقسم العائلة المالكة في البحرين في كيفية الرد على الغالبية الشيعية المطالبة بالسلطة السياسية. ولي العهد سلمان إصلاحي، فهو من المفترض يرغب في انعقاد مؤتمر أخلاقيات مهنة الطب ولكنّ الآخرين تحت تأثير السعوديين يعتقدون بأنه لا مجال يمكن أن يفتح للإصلاح.
خلال مظاهرات عام 2011 دعا بعض الشيعة ولي العهد للانضام إليهم في ميدان اللؤلؤة. إحدى النساء قالت بأن المتظاهرين كانوا سيرفعون ولي العهد على أكتافهم لو جاء لمساندتهم. لكنه لم يأت، ولا يوجد أي متظاهر سيقدم عرضًا كهذا الان.
اقرأ أيضا
- 2024-11-13وسط انتقادات للزيارة .. ملك بريطانيا يستضيف ملك البحرين في وندسور
- 2024-08-19"تعذيب نفسي" للمعتقلين في سجن جو
- 2024-07-07علي الحاجي في إطلالة داخلية على قوانين إصلاح السجون في البحرين: 10 أعوام من الفشل في التنفيذ
- 2024-07-02الوداعي يحصل على الجنسية البريطانية بعد أن هدّد باتخاذ إجراءات قانونية
- 2024-06-21وزارة الخارجية تمنع الجنسية البريطانية عن ناشط بحريني بارز