» رأي
«النهام» يفضح رئيس الوزراء «الفاشل في عيون ضحاياه»
عباس المرشد - 2013-04-16 - 10:37 ص
عباس المرشد*
هل يتعين على رئيس الوزراء البحريني الاستقالة والإعلان عن فشله في إدارة الدولة الحديثة كما تطالب بذلك جميع القوى السياسية الوطنية كحد أدني لإنجاز المصالحة الوطنية المتعثرة؟ قد تكون هذه الاستقالة أو الإقالة أمرا محمودا وقابلا لأن يبعث أملا للخروج من النفق المظلم الذي تعيشه البحرين منذ عقود لكنها إذا ما تمت هكذا فلن تكون سوى قنبلة موقوتة قابلة لأن تنفجر وتفجر البلاد عنفا وفسادا وتمييزا. في مقالة سابقة أوضحت أن استمرار خليفة بن سلمان في منصبه لأكثر من أربعين عاما ( 1968-2013) تجعله صاحب الرقم القياسي في احتكار منصب رئاسة الحكومة، مثل هذا الاحتكار لا يمكنه أن يتم لولا وجود آليات ضامنة ومشجعة ليس من بينها الرضا الشعبي أو الأداء المتميز لإدارة الدولة، ومن ثم تاتي كافة الأسباب المقترحة والمدونة في البحوث السياسية الرصينة. لذا فإن استقالة/ إقالة رئيس لوزراء فقط، لا تعني شيئا لطرفين من المواطنين.
الطرف الاول أصحاب الرؤية السياسية الطامحة لتحرير البحرين سياسا أي جعلها أكثر ديمقراطية وأقرب لمسار التحديث السياسي الجدي. فالاحتكار الطويل لمنصب رئاسة الحكومة لم يأت عبر طرق ديمقراطية تترجم الحق الإنساني الأول المعبر عنه بحق الناس في اختيار حكوماتهم والنظام السياسي الخاضعين له. فعملية تعيين رئاسة الوزراء تأتي ترجمة لرغبة ملكية وقبلها رغبة أميرية غير قابلة للمساءلة أو النقاش بنص المادة الدستورية التي تعتبر ذات الملك/الأمير ذاتا مصونة غير قابلة للمساءلة. وبالتالي فإن استمرار الآلية نفسها لايشير إلى تحرير إرادة الناس عن إرادة الملك أو مساواتها على الأقل بحكم المادة الدستورية القاضية بمساواة المواطنين جمعيا في الحقوق والواجبات. بطبيعة الحال لا ينبغي فهم تحرير البحرين ديمقراطيا أن إيجاد آليات ديمقراطية تضمن انتقال السلطة سلميا وبشكل متساوٍ أمام جميع المواطنين، لا يعني ذلك النجاح فعليا في التطبيق ما لم يكن ذلك التحرير كاملا وشاملا بل ومانعا من انفلات الطائفة المملوكة عاطفيا وسياسيا للآليات القديمة والمهزومة. فالأوضاع التي تجرى الآن في العراق وفي مصر وتونس كلها مؤشرات نافعة لدراسة أثر الإبقاء على نفوذ وهيمنة الآليات القديمة في البنية الديمقراطية الجديدة.
الطرف الثاني وهم الأكثر تضررا من السياسات التي تم انتهاجها لأكثر من أربعين عاما وقادت إلى تكريس الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية ولكي لا يقال إن هذا تجنيا أو أساءة لرموز الوطن يكفي أن نعاين مشكلة واحد كمشلة الإسكان التي قال رئيس الوزراء إنه مصمم على حلها وتوفير الخدمة الإسكانية المنصوص عليها دستوريا، وكانت صحف العام 1975 قد نشرت هذا التصريح وباركته وظلت تعيده نهاية كل عام وتزامنا مع احتفالات تولي الأمير كرسى الحكم في ملحق إنجازات الحكومة.
من ينظر لمشكلة الإسكان اليوم سيرى حجم الإحفاق والفشل الذريع في تقديم حلول كافية لإسكات الناس على الأقل. فمثل هذه السياسات المتبعة في معالجة قضية خدماتية تمس كافة شرائح المجتمع ويتضرر منها غالبية المواطنين. مثال آخر هو مستوى الدخل والرواتب التي حرمت أكثر من 40% من قطاع العمال من أن يجتازوا خط الفقر المتفق عليه محليا، وكالعادة فإن سياسة الهروب للأمام ومحاولة إقناع البائس ببؤسه هي الأكثر استخداما هنا، فخط الفقر هو أقل من دولار واحد في اليوم في الدول الفقيرة والدول النامية في حين أن متوسط دخل الفرد في البحرين يصل لأكثر من 20 ألف دولار سنويا.
الجمع بين 40% مدخولهم السنوي أقل من عشرة آلاف دولار وبين أرقام البنك الدولي 22 الف دولار تعطي دلالة واضحة على مدى الفارق الكبير في رواتب العمال والموظفين ومن دون شك فإن راتب رئيس الوزراء ومستشاريه يدخل ضمن حسبة المعدل العام للدخل. ويكفي هنا قراءة مخصصات رئيس الوزراء وديوانه ومستشاريه الكثر من موزانة الدولة في السنوات العشر الأخيرة حيث يستهلك أكثر من 4% من الموزانة العامة للدولة.
ولنمضي قدما في إبطال السياسات التي ركزها نظام الاحتكار الأربعيني عبر قرارات التعيين الصادرة من مجلس الوزراء ومدى التزامها بنصوص الدستور القاضية بالمساواة وحرمة التمييز، وهنا لن نتعب أنفسنا كثيرا في سرد تفاصيل آليات التعينات العليا والمقررة من قبل مجلس الوزراء، فعبر عملية فحص قرارات التعيين التي صدرت خلال السنوات العشر الأخيرة يمكن رؤية الأسماء والمناصب العليا التي اختارها مجلس الوزراء لفئة واحدة من المواطنين، ليس على اختيار مذهبي فقط وإنما على أسس متفقة واستراتيجية الحظوة حسب الوزراة والمنصب.
نعم هناك تعيينات تخص الطائفة الشيعية في وزارت محدودة مثل الأشغال والاقتصاد الوطني والمالية لكن هذه التعيينات تخفتي نهائيا في الوزارت الأخرى فهل يستطيع رئيس الوزراء إقناع علماء الوراثة والانثروبولوجيا بأن عقول هذه الطائفة عاجزة وراثيا وغير كفوءة وغير مؤهلة لتحمل مسئوليات إدارة الدولة أم أن تبرير ذلك بعدم رغبة أفراد هذه الطائفة بتطوير أنفسهم كما يحلو لوزير التربية أن يبرر سياسية توظيف المعلمين الأجانب في ظل وجود عاطليين جامعيين يسقطون في الامتحانات الرسمية وينجح فيها المعلمون الأجانب دون تقديمها أصلا.
وبعيدا عن السياسات الخدمية التي لا تنتهي, فإن هناك أكثر من 250 عائلة قضي على حياة أبنائها على يد وقات الشرطة وفي أقببة السجون وقاعات التعذيب ويقف مهم آلاف من ضحايا التعذيب والاعتقال والسجن السياسي منذ سبعينات القرن الماضي. رئيس الوزراء الذي يطير مباشرة فور شيوع خبر تعرض عامل أجنبي لحادث أو تعرض شخص ما للضرر نتيجة (لأعمال شغب) يشيح بوجهه ولا يكترث لعين طفل فقأتها أسلحة شرطته الذين يزورهم ويشجعهم ويعلن حمايته لهم. وحادثة عين الطفل النهام ليست سوى قصة من مئات القصص الأخرى التي تؤكد على فشل رئيس الوزراء وأن استقالته أو إقالته فقط لا تعنيهم بشيء ما لم يكن هناك جردة حساب ومراجعة دقيقة للاسباب الحقيقة والواقعية القابعة خلف هذه المأسي.
نعم استطاع رئيس الوزراء أن يخلق لنفسه هائلة كبيرة وأن يصنع لنفسه طائفة تمجد باسمه وتعتبره خليفة المسلمين في العصر الحديث وأن يتم تحويل اسم البحرين على اسمه ما عدا ذلك فعين (النهام) فضحت رئيس الوزراء.
*كاتب من البحرين.
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق