» رأي
مُشاهَدات من البحرين (4): حِزْب دولة البحرين
إيمان شمس الدين - 2013-05-18 - 2:28 م
إيمان شمس الدين*
حينما يتحول النظام إلى أحزاب متصارعة، تتسلح بأدوات الدولة لتحصن كل جهة نفسها ضد الحزب الآخر، ورغم صراعهم، إلا أنهم يصبحون في خندق واحد ضد الشعب البحريني، لكي يبقى تحت سلطتهم ببرلمان صوري كاريكاتوري وشورى لا تعرف من الشورى إلا كلمة، ولكي لا يحقق مطالبه التي تدفع باتجاه ملكية دستورية.
هذا الحزب حوّل ما كان يعرف بدولة البحرين إلى حزب دولة البحرين الأمني؛ حيث أغلب الشعب البحريني بات في السجن، بين معتقل، ومتهم، ومصاب، وجريح، وشهيد، ومفصول، ومطارد، ومهدد.
فرغم أن الاستقرار الأمني يعتبر من وظائف الدولة، وتقع عليها مسؤولية توفيره للمواطن ليتحقق الاستقرار الاجتماعي المطلوب للتنمية والترشيد الاقتصادي، إلا أن حزب الدولة جعل الأمن أداة في يده، لضرب الشعب البحريني، وضرب استقراره، ليحقق استقراره هو في الدولة، ومع كل الكساد الاقتصادي التي تعاني منه البحرين، إلا أن حزب الدولة مستقر اقتصاديًا لأنه إقطاعي بامتياز.
ومن يذهب للبحرين يستطيع أن يلحظ كيف يحاول حزب الحكم أن يفصل مناطق الحراك عن المناطق الحيوية فيه لسببين:
الأول: تحجيم الثورة والنأي بها عن أعين الزائرين للبحرين، فلا يعلم أحد بوجود حركة مطلبية، ويبدو وكأن الأمور في البحرين أمنيًا تسير على ما يرام، فيشجع بذلك الحركة الاقتصادية من خلال السياحة والاستثمار.
الثاني: تكريس لعملية مذهبة الحراك، حيث استطاع أن يقوقع الحراك في مناطق غالبيتها من السكان الشيعة، مع أن الواقع وجود أطياف من الشعب البحريني في الحراك.
وتحولت البحرين إلى ثكنة عسكرية ومخابراتية بامتياز، ونجحت إلى حد كبير في اختراق الحراك أمنيًا، إلا أن ذلك لا يعني نجاحها في وأده، بل الحراك يزداد توهجًا وتألقًا، وشبابه يزدادون يومًا بعد يوم إبداعًا، والحياة تستمر عندهم بكل تفاصيلها مع استمرار هذا الحراك.
تتفرع أذرع هذا الحزب في كل الاتجاهات: فصل للعاملين في أجهزة وزاراتها، وملاحقة من بقي بالتهديد والاعتقال لثنيه عن الاستمرار في الحراك المطلبي، واعتقالات تطال حتى الأطفال من مدارسهم، وتهديدات هاتفية لناشطين وناشطات، وأخيرها محاولة حوار ولدت ميتة في مهدها، هدفها الأول والأخير تضييع الوقت لحين حدوث تغيير إقليمي، وخاصةً في سوريا، يتم على ضوئه معرفة خطوة هذا الحزب المستقبلية، خاصة أن حزب المشير يعول كثيرًا على إيقاع أحداث سوريا وما سينجم عنها من تغيرات، كي يبدأ خطوات لاحقة باتجاه الثورة.
أما واقع قرار هذا الحزب فهو ليس ذاتيًا، وإنما سعودي بامتياز، فحتى الأمريكي اليوم قلق من استمرار اضطراب البحرين، كون هذا الاضطراب المستمر يضر بمصلحته، ويعتبر تحقيق المطالب والتحول الديمقراطي هو الكفيل باستقرار البحرين، وبالتالي استقرار مصالحه فيها، إلا أنه يقر أن العائق هو السعودية، اللاعب القوي في الخليج، القادر واقعًا على حسم القرار، لما تمتلكه الأخيرة من ثقلٍ نفطي يشكل قرابة 80% من الاقتصاد الأمريكي والغربي.
إذًا الاستقواء لحزب الدولة ليس ذاتيًا، وإنما بالعرض من السعوديين، وأي حل يحول حزب دولة البحرين إلى دولة حقيقية قائمة بمؤسساتها وليس بأشخاص لابد أن يكون اليوم بموافقة سعودية أولًا ورضا إقليمي ثانيًا، وكل ذلك يعتمد على مجريات الحدث الإقليمي في سوريا، الذي بات ارتباط الملف البحريني فيه كارتباط الجنين بحبل سري في بطن الأم.
فإما ولادة جديدة لدولة البحرين، بعد مخاض طويل، أو إجهاض للدولة لكفة حزب الدولة البحرينية، إلا أن المعطيات إلى الآن تحكي أن الكفة تميل نحو ولادة فجر الحرية لحساب قيام دولة البحرين المدنية.
* كاتبة كويتية.