الإصلاح في البحرين: الإعدام نموذجاً
عادل مرزوق - 2011-05-23 - 10:40 ص
عادل مرزوق
أي تجربة إصلاحية تلك التجربة التي تريد أن تفتتح العقد الثاني من الألفية الجديدة بإعدام أربعة من مواطنيها؟!، مسرحية هزلية، عناصر حبكة درامية مفضوحة، وسيناريو من النوع الرديء. والأكثر من ذلك، قضاء متورط، حاول اليوم الثاني والعشرين من مايو أن يخفف وطأة احكامه المفروضة بإقرار إعدامين اثنين والاكتفاء بالسجن المؤبد على اثنين آخرين. واليوم تلقي محكمة الاستئناف كرة النار في ملعب التمييز، قد يكون المطلوب من المحطة الأخيرة إقرار الحكم بالسجن المؤبد لمن تبقى من المحكومين بالإعدام، أو ربما الحكم بأول حكمي إعدام لمتظاهرين سلميين منذ بدء ربيع الثورات العربية.
المثير للشفقة، هو أن الإعدام، ولا شيء سوى الإعدام، هو البرهان الذي تقدمه الدولة للتدليل على نضوج هذه التجربة الإصلاحية وطموحها للاستمرار في هذه الإصلاحات؟! وسواء أكان الإعدام لأربعة من المتظاهرين السلميين، أو لاثنين، أو حتى لواحد، لا فرق. فالقضاء الذي أصدر هذا الحكم في قضية هزلية فاقدة لأدنى معايير الشفافية، قد أثبت للمجتمع الدولي دون شك أنه قضاء صوري، قضاء فاقد للاستقلالية والشفافية، قضاء يتلو الأحكام - الجاهزة سلفاً - ولا يصدرها. وهو ما يعني بوضوح، أن النظام كله بسلطاته الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ليس أكثر صورة دمية تديرها الأيدي المتحكمة من الخلف. وهو ايضاً، ما يؤكد أن الحركة المطلبية التي دشنها شباب البحرين في الرابع عشر من فبراير كانت تمتلك من النضج والوعي والمسؤولية تجاه هذه الجزيرة الصغيرة ومستقبلها الكثير، وبما يتخطى ما يملكه الشق المتطرف في النظام من مؤسسات وخبرات وتجارب.
وكما أن جميع المنظمات والهيئات الدولية لم تصدق مجمل الإدعاءات التي قدمتها الحكومة البحرينية لتبرير الإجراءات التعسفية التي طالت كل من شارك في الحركة المطلبية منذ الرابع عشر من فبراير حتى اليوم، لا يبدو أن أحداً من هذه المنظمات قد صدق مسرحية استهداف قتل الشرطيين. الموقف الدولي ممثلاً بالعواصم الكبرى والهيئات والمنظمات الدولية لا يزال عند ثوابته في إدانة جميع أشكال الاستهداف الأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي يتعرض له المتظاهرون في البحرين، وليس الخطاب الأخير للرئيس الأمريكي باراك اوباما إلا دلالة جديدة على أن أحداً لم يعد يصدق ما تقوله آلة الإعلام الرسمي في البحرين.
لقد باتت أحكام الإعدام والسجن وشهادات التعذيب للمعتقلين والاستهداف الطائفي للأفراد والمؤسسات والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة وهدم دور العبادة، رصاصات الرحمة الأخيرة في ما تبقى من المشروع الإصلاحي الذي كان من المفترض أن يكون بوابة هذه الجزيرة الصغيرة نحو الألفية الجديدة. أصبح اليوم الحديث أو الرهان على المشروع الإصلاحي حكاية من حكايات التاريخ، وبتعبير أدق، هو حديث عن أسطورة وهمية صدقناها – وكاتب هذه السطور أحد هؤلاء - منذ العام 2001 ولعشر سنوات متتالية، حاولنا بكل ما أوتينا من قوة وصبر امتصاص صدماتها، والدفاع عنها، والرهان على ما حققته من مكاسب أسسها ميثاق العمل الوطني. لكنها الأيام الأخيرة أثبتت لنا وبوضوح، أننا كنا بذلك، نخطئ في حق أنفسنا مرة، وفي حق وطننا ومستقبل أبنائنا مرتين.