نشرت صحيفة الهافنغتون بوست (الأحد 8 يناير/كانون الثاني 2017) مقالا تحت عنوان " ثورة خفيّة من شأنها هز ممالك الخليج"، أشارت فيه إلى وضع البحرين وثورتها الجيوسياسية.

مرآة البحرين: كان العام 2016 صعباً على العاملين في مجالات الإعلام كافّة والمصوّرين والصحافة المدنيّة على الإنترنت. إذ أحكمت السلطات البحرينية خناقها على منافذ التعبير المتاحة. وأدى الاستهداف المكثف للمدوّنين والمغردين وتقديمهم إلى المحاكم، إلى ارتفاع مستوى الخشية والحذر من إبداء الآراء الناقدة على منصات التواصل الاجتماعيّ بمستوى لم يكن معهوداً في السنوات الخمس الماضية بما في ذلك في السنوات الأولى التي أعقبت بدء الاحتجاجات السياسية العام 2011.

رغم مرور 13 عاما على وفاته، عاد العالم اللبناني فؤاد خوري إلى عالم الكتب مجددا، في العام 2016، عبر إعادة طبع كتابه التاريخي: «القبيلة والدولة في البحرين»، وترجمة آخر كتبه «دعوة للضحك» إلى العربية لأوّل مرة. وفي 2016، صدر أيضا أول عمل أدبي يكتب داخل السجون البحرينية، تحت عنوان «رواية جو: عذابات 10 مارس»، كما صدرت ترجمة كتاب المحلل السياسي الأمريكي جستن غينغلر عن البحرين، والذي نال به درجة الدكتوراه.

في حفل أقيم في متحف "نيوزيوم" للأخبار (24 مايو/ أيار 2016) بمناسبة مرور 75 عاما على تأسيسها، استذكرت منظمة فريدوم هاوس 12 ناشطا حول العالم، كان بينهم بحرينيان. اختارت المنظمة الناشط الحقوقي البارز عبدالهادي الخواجة وابنته زينب الخواجة ضمن القائمة، وقالت إنهما ما يزالان رهن الحبس بسبب تعبيرهم عن آرائهم، داعية إلى تذكرهم ومواصلة الضغط من أجل إطلاق سراحهم.

ثلاثة أشخاص هم عدد الضحايا الذين استشهدوا هذا العام 2016 بسبب استمرار السياسات الأمنية في البحرين. توفي علي عبدالغني أثناء ملاحقته من قبل قوات الأمن. وقتلت فخرية مسلم في حادثة ما تزال غامضة أثناء مرورها بسيارتها على دوّار النويدرات. وقضى حسن الحايكي في السجن.

شكل وقف الولايات المتحدة الأمريكية (30 سبتمبر/ أيلول 2016) صفقة أسلحة مع البحرين بسبب التراجعات في ملف حقوق الإنسان أبرز الأحداث الخارجية التي تتماسّ مع الشأن الداخلي البحريني خلال العام 2016. إذ أبلغت إدارة الرئيس أوباما الكونغرس بأنها لن توافق بشكل كامل على أن تشتري البحرين 19 مقاتلة "إف 16" من شركة لوكهيد مارتن بكلفة تقرب من 4 مليارات دولار حتى تحرز تقدمًا في مجال حقوق الإنسان".

بعد إبعاد مسعود جهرمي (7 مارس/آذار) إلى بيروت قالت منظمة العفو الدولية إن "الترحيل أصبح هو السلاح الجديد المفضل لحكومة البحرين في معاقبتها للمعارضين السياسيين". في موازاة ذلك، أسقطت البحرين جنسية أكثر من 50 ناشطا معارضا، ولم تقف عند ذلك الحد بل حرمت نحو 14 مولودا جديدا من حقهم في الجنسية بعد إسقاطها عن آبائهم.

شهد العام 2016 احتفال مملكة البحرين بمناسبة "مرور 200 عام على العلاقات الثنائية بين البحرين وبريطانيا". وهي تسمية تفضلها حكومة البحرين لوصف "الانتداب البريطاني" للفترة التي سبقت الاستقلال. وانعكس ذلك على ارتفاع معدل الزيارات المتبادلة لشخصيات من أعلى الهرم بين البلدين ومبيعات الأسلحة وتوّج بافتتاح قاعدة بريطانية في البحرين، هي الأولى لها شرق قناة السويس منذ عام 1967.

كان 2016 عاماً للتقشف وشدّ الأحزمة. إذ أعلنت الحكومة البحرينية مع مطلع هذا العام عن رفع الدعم عن الماء والكهرباء. وتلاه بعد أسبوع قرار آخر لمجلس الوزراء البحريني يقضي برفع أسعار البنزين بشكل فوري. لكن سياسة التقشف لم تطل امتيازات الوزراء؛ إذ قامت الحكومة بتحديث أسطول سيارات الـ"بي إم دبليو" الخاصّة بهم. كما تضاعف الإنفاق على التسلح. وكان قرار حكومة البحرين ببناء جامعة تمريض باسم الملك في "إسلام أباد" مناسبة لانطلاق موجة من السخط الشعي.

نرصد في الحصاد اليومي لعام 2016 أجندة العائلة وأجندة معارضيها، لنعيد تذكير القراء بما تقوم به القوة العنيفة وما تقوم به القوة الناعمة، نذكرهم بمشروع يحاول إعادة البحرين لما قبل 1923، ومشروع متمسك بأن تكون البحرين دولة للجميع.

شهد العام 2016 تصعيداً غير مسبوق من قبل البحرين تجاه هيئات الأمم المتحدة العاملة على قضايا حقوق الإنسان؛ بما في ذلك إهانة مسئوليها مثل الأمير زيد بن رعد الحسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان، الذي وصفه وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة بأنه "لا حول له أو قوة". وجاء ذلك نتيجة لمواصلة مسئولي الهيئة الأممية ومقرروها توجيه انتقاداتهم إلى البحرين بشأن استمرار انتهاكات حقوق الإنسان.

ماذا في حصاد 2016؟ الإمعان في تخريب تراكم المجتمع المدني، ومحاولة إعادة الاحتجاج إلى مربع 1923، حيث لا قيادات كبيرة بحجم عبد الرحمن الباكر، ولا عبدالرحمن النعيمي ولا شيخ علي سلمان ولا مرجعيات دينية بحجم الشيخ عيسي قاسم، وما كانت هناك مطالب بحجم مطالب 14 فبراير، وما كانت هناك منظمات حقوقية ولا جمعيات سياسية.

شهد العام 2016 تطوّرا مثيرا في مسألة تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، التي رأسها البروفيسور شريف بسيوني في العام 2011، تمثّل في إعلان البحرين رسميا تنفيذها جميع التوصيات، في حفل حضره بسيوني نفسه في مايو/أيار 2016، لكنّ الأمر انتهى بإصدار القاضي الدولي المعروف بيانا يكذّب فيه هذه الادّعاءات، وما نسب إليه من تصريحات عبر وكالة أنباء البحرين الرسمية.

على مدى نصف عام، ومنذ 20 يونيو/حزيران 2016، أطبقت السلطات الأمنية حصارا تاما على قرية الدراز البحرينية، موطن المرجع الشيعي الأعلى آية الله الشيخ عيسى قاسم، فور تجمّع آلاف المواطنين تلقائيا أمام منزله، بعد إعلان السلطات إسقاط جنسيته.

أعلنت مملكة البحرين في 4 يناير/ كانون الثاني 2016 أنها قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع طهران بسبب ما أسمته "استمرار وتفاقم التدخل السافر والخطير من إيران" في شئون البحرين والسعودية ". الإعلان جاء عقب الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة العربية السعودية في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد إثر إعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر في 2 من الشهر نفسه.

شكل استدعاء فرقة إسرائيلية للغناء والرقص في الشارع السياحي الأشهر المعروف بشارع "باب البحرين" ضمن الاحتفالات بالعيد الوطني الحدث الأبرز في نهاية العام 2016. إذ رددت الفرقة غنائها باللغة العبرية ما ترجمته "سيُبنى الهيكل.. سيُبنى الهيكل.. مدينة صهيون ستُملأ". الأمر الذي أثار موجة غضب محلية وعربية عارمة تجاه النظام البحريني.

شهد العام 2016 إقالة وزير شئون الإعلام ووزير شئون مجلسي الشورى والنواب عيسى الحمادي من جميع مناصبه بمرسوم ملكي صدر في (4 مارس/ آذار 2016). جاء ذلك بعد أن تداولت شبكات التواصل الاجتماعي صورة نشرها الوزير في مجموعة "واتساب" تظهر حركة مسيئة بالإصبع لفعالية رياضية يرعاها نجل الملك ناصر بن حمد.

صعدت السلطات الأمنية البحرينية من حملتها ضد المعارضة في العام 2016، إلا أن الاستهداف الأكبر كان لشريحة رجال الدين، وخصوصاً بعد إسقاط جنسية الزعيم الروحي آية الله الشيخ عيسى قاسم في 20 يونيو/ حزيران. وقال مركز البحرين لحقوق الإنسان في بيان له (19 أغسطس/ آب 2016) إن السلطات البحرينية استدعت 87 رجل دين شيعي خلال شهرين فقط، منهم 12 أحيلوا للمحاكمة.

كان افتضاح تدوينات نائب رئيس الأمن العام خليفة بن أحمد آل خليفة بحق الطائفة الشيعية في البلاد على حسابه الرسمي في مواقع التواصل الاجتماعي واحدة من أبرز المحطات التي دار حولها الجدل في العام 2016. ففي تعليق على تدوينة للمعارض حسن عبدالنبي المقيم في أستراليا على صفحته على "انستقرام"، قام خليفة وهو أحد أفراد الأسرة الحاكمة بوصف الشيعة بأوصاف نابية قبل أن يتم إجباره على إغلاق حسابه.

أداة جديدة من أدوات القمع دخلت حيّز الاستخدام على نحو واسع من قبل السلطات البحرينية، أكثر من 38 ناشطا و15 رجل دين تم منعهم من السفر العام 2016 ضمن حملة شرسة بحق المعارضة. تفاجأ العديد من النشطاء بقرارات منعهم من مغادرة البلاد عند وصولهم منفذي مطار البحرين وجسر الملك فهد الذي يربط البحرين بالسعودية، وأثارت تلك القرارات ردود أفعال واسعة.