ما بين سطور اجتماع الصخير… متمسّكون بثوابت القمع ولا تسوية في الأفق
2019-05-16 - 7:34 م
مرآة البحرين (خاص): لم يكن الاجتماع الذي ترأسه الملك حمد بن عيسى آل خليفة فور وصوله من جولة خارجية أمراً مفاجئاً، لكن الاجتماع المشترك لمجلس الوزراء والمجلس الأعلى للدفاع أعطى بعداً أمنياً للحدث.
ظاهرياً عُقد الاجتماع (كما كان متوقعاً أن يعقد اجتماع بهذا المستوى) بعد تعرض إمدادات النفط في الخليج للاستهداف (ناقلات نفط في ميناء الفجيرة وأنابيب نفط في السعودية)، ومن المتوقع أن تتخذ البحرين كغيرها من دول المنطقة النفطية، إجراءات أمنية احترازية لحماية المنشآت النفطية.
لكن الأهم مما بدا ظاهراً هي الرسائل التي مررها الملك بين سطور كلمته التي نشرتها وكالة أنباء البحرين الرسمية، وملخصها أن موعد التسوية لم يحن بعد.
قطع الملك بكلمته التي ألقاها أمام الحاضرين في قصر الصخير، الطريق أمام رئيس الوزراء خليفة بن سلمان من الوصول لأي اتفاق وإن كان شكلياً غير جوهرياً، مع السيد عبدالله الغريفي من أجل تهدئة الساحة وتبريدها.
كما أوحت كلمة الملك أيضاً أن أمر تثبيت جنسية 551 مواطناً لم يكن جراء مساع سياسية كما توقع البعض، وإنما جاءت كمحاولة منه لتهدئة الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية البارزة الذين وجهوا انتقادات حادة للبحرين بعد إسقاط جنسية 138 بحرينياً في محاكمة هزلية.
وفي الوقت نفسه شارك الملك في الهجمة التي بدأت منذ أسبوع على السيد الغريفي دون تسميته حين أكد على التمسك بالثوابت الوطنية «وفي نبذ استغلال المنابر الدينية للتطرف والتعاطف مع الأعمال الإرهابية وفي بث الفرقة والفتنة بين أفراد المجتمع الواحد وفي عدم إظهار المواقف التي تنبغي تجاه التهديدات أو التدخلات في الشؤون الداخلية والتصريحات المسيئة لأمن واستقرار البحرين»
لكن الأهم من ذلك كله إعطاء الملك بعداً أمنيا لمساعي السيد الغريفي حين قال «إن أية محاولة لإثارة الفتنة أو شق الصف أو الخروج عن الثوابت الوطنية ستواجه بكل حزم، وإن المملكة جاهزة ولديها كل القدرة في التعامل مع ما يهدد أمنها واستقرارها وكافة إمكانياتها».
وهنا يقول الملك بشكل مبطن إن إعادة الحديث عن «المطالب السياسية» أمر مرفوض. يرى الحُكم أنه استطاع تجاوز المطالب السياسية للمعارضة بعد اعتقال قياداتها وآخرها الشيخ علي سلمان، وإبعاد أهم مرجعية دينية للشيعة في البلاد (الشيخ عيسى قاسم) وما رافق ذلك من قمع شديد أودع بموجبه حوالي 5 آلاف مواطن في السجن.
يرى الحُكم إنه وصل اليوم إلى سيطرة كاملة على الوضع، لا حراك على الأرض، لا مسيرات ولا ندوات ولا فعاليات سياسية معارضة ولا صوت في الداخل يجترح الكلام عن المطالب السياسية للمعارضة، والشخصيات البارزة إما أودعت السجن أو غادرت البلاد، ومن تبقى داخل البحرين خارج السجن جمّد عمله ونشاطه السياسي بعد إغلاق جمعيتي الوفاق ووعد.
يفرح الملك أنه تمكّن من السيطرة على الحراك السياسي بآلة قمعه، لكن ذلك كلّف البحرين سيادتها التي باعتها للسعودية والإمارات من أجل الدنانير التي تستطيع بها دفع رواتب موظفيها، وحينما ضاق عليها الأمر أكثر وزيّنت للموظفين «التقاعد الاختياري» كي توفر بضع دنانير تستثمرها في مدرعاتها وقواتها الأمنية والبرمجيات الخبيثة التي تحاول اختراق حسابات وسائل التواصل الاجتماعي وهواتف النشطاء.
لقد حوّل البلد إلى أرض عاطلة بوار، بلد كسيح يعتاش على ما يُلقى إليه من فتات الجيران الأغنياء، مقابل ارتهانها المطلق لمواقفهم السياسية، وحول الشعب البحريني بجناحيه من السنة والشيعة إلى كيانات محبطة ممتلئة والقهر والسخط والغضب، وحوّل مستقبل البلد إلى قنبلة موقوتة تنتظر لحظة صفر جديدة لتنفجر.